كيف أصبح شخصية طبيعية اجتماعية؟

0 30

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

كل شخص لديه أحلام وطموحات شخصية واجتماعية ورياضية، وغير ذلك، ومهما بلغ فشله ومحاولاته، فإنه يتأمل أن ينهض من جديد ليجرب ويبحث ليحقق مراده، لكنه أحيانا يدخل في دوامة القلق والحزن لدرجة يحرم نفسه حتى من متعة الأحلام.

وأنا أعاني من قلق وتوتر، وأفكار سلبية ووسواس، وحزن في غالب الأوقات، وشعور بعدم تقدير الذات، علما أن شخصيتي خجولة، واختلط علي الأمر بين الحياء والخجل بسبب تربيتي، وهذا ساهم في ضعف العلاقات الاجتماعية خاصة مع الغرباء، وكنت أرتاح فقط مع الأقرباء.

في سن 14 كنت متفوقا في دراستي، وواثق من قدراتي، لكني كنت ضعيفا اجتماعيا، وأشعر بعدم الاحترام والتقدير من الآخرين، فكنت أكره صفة الخجل والتردد في نفسي، لكن عائليا كنت أشعر بنوع من التمييز مع أخي الأصغر، كان يقال لي: إنك جيد في دراسة فقط، أما المجالات الأخرى فهي من اختصاص أخيك، فكنت أشعر بالاحتقار، تأثرت أيضا بسخرية واستهزاء الأصدقاء بسبب خجلي.

أصبحت في فترات كثيرة أشعر بضيق وحزن شديد على ظلمي لنفسي، وأبكي بسبب ذلك، هذا الشعور بالنقص والقلق وضعف الثقة يسبب لي حرقة شديدة وقهرا.

بدأت معاناتي منذ 8 سنوات عندما كان عمري 14 سنة، بدأ برهاب اجتماعي وقلق وكنت خجولا، فانعزلت عن الناس، ورافقت العزلة إدمان الإباحية والعادة السرية بسب الضغوط التي كنت أعاني منها.

كنت أعرف أن هناك مشكلة، لكني لم أهتم للحل بسبب تركيزي على الدراسة، فازدادت أعراض الرهاب وأصبت بالقولون العصبي والوسواس، وكل ذلك بسبب سخرية الآخرين من خجلي عندما حاولت الانخراط في العلاقات الاجتماعية.

أعلم أن لدي مهارات، وأستطيع فعل كل شيء مع التدريب، لكن مع ما مررت به، ومحاولتي للنهوض مرارا، أصبت بالاكتئابن وأخشى أن يصبح حالي أسوأ خلال شهور قادمة، لقد تعبت من حياة العزلة والانطواء، وأريد مساعدتكم في تقوية شخصيتي من الناحية الاجتماعية، كيف أنظر إلى الناس بهدوء؟ كيف أتخلص من الأفكار السلبية المقلقة؟ كيف لا أتأثر بكلام الناس؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، نسأل الله لك العافية والشفاء، وتقبل الله صومكم وطاعاتكم.

أيها الفاضل الكريم: الإنسان سلوكيا يتكون من أفكار ومشاعر وأفعال، كثيرا ما تكون الأفكار سلبية وكذلك المشاعر، وهذا قطعا ينتج عنه سلبية أيضا في الأفعال، ولذا نقول للناس: حاولوا أن تكونوا إيجابيين في أفكاركم ومشاعركم، وإن نجحتم أو فشلتم في ذلك يجب أن تكون أعمالكم إيجابية.

هذا هو الذي يؤدي إلى المتغير الحقيقي في حياة الناس، تفعل الإيجابي، تنظم وقتك، تجتهد في دراستك، تتواصل اجتماعيا، مهما كانت المشاعر يجب أن تقوم بالحد الأدنى من الواجبات الاجتماعية، الصلاة في وقتها، الرياضة في وقتها، وتجبر نفسك على ذلك، ثم بعد ذلك سوف تجد أن مشاعرك أصبحت تتحسن، أفكارك أصبحت تتحسن.

وهذه طريقة جيدة جدا، تضع برنامجا يوميا لما يجب أن تقوم به ويجب أن تنفذه، وطريقة بسيطة جدا: عليك بالنوم الليلي المبكر، الاستيقاظ المبكر، وفي رمضان هذا أمر سهل جدا، تقوم للسحور وتصلي الفجر، ثم تدرس قليلا، تقرأ وردك القرآني، ثم تنطلق في بقية اليوم.

الأمر في غاية البساطة، لا تعظم ولا تجسد مفهوم الفشل لديك، بيدك أنت أن تغير ما بنفسك وتغير نمط حياتك، {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، الإنسان يمكن أن يغير نفسه ليصبح فاشلا، ويمكن أن يغير نفسه ليصبح ناجحا، والآليات موجودة والإمكانيات موجودة، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وكل ميسر لما خلق له.

فيا أخي: ابدأ بالأفعال قبل الأفكار وقبل المشاعر، هذا هو الذي أنصحك به، وهذا أمر أساسي جدا، الرياضة يجب أن تكون جزءا من حياتك، أن يكون لك مشروع حياة يجب أن تنجزه، مثلا: الحصول على درجة علمية عالية، أن تحفظ القرآن أو أجزاء منه، هذه كلها مشاريع حياة، أن تنشأ شركة، لا بد أن تعيش على هذه التأملات الإيجابية، وأنا متأكد أنك سوف تضعها في قالبها الواقعي.

أيها الفاضل الكريم: أسوأ شيء أن يضخم الإنسان نفسه، أو أن يحقرها، النفس يجب أن نعطيها حقها، نقيم أنفسنا بصورة صحيحة ونعرف إيجابياتنا وسلبياتنا ثم نسعى لتطوير أنفسنا، وأنا أنصحك بشيء مهم جدا: الحرص على الواجبات الاجتماعية، لا تتخلف عن واجب اجتماعي، إذا دعيت لدعوة لبها، إذا سمعت بمريض قم بزيارته، صل رحمك، قدم واجب العزاء، استمتع مع أصدقائك – خاصة الصالحين من الشباب – بر والديك.

هذه هي الأسس العلاجية لحالتك، فأرجو أن تحرص على هذه المناحي التطويرية والارتقائية في شخصيتك، وسوف تتحسن: أهداف، وسعي، ووصول للهدف -إن شاء الله تعالى-.

وإن كان بالإمكان الذهاب إلى طبيب نفسي فسوف يكون أمرا جيدا، وإن لم يكن ذلك ممكنا أرى أنك إذا تناولت أحد مضادات قلق المخاوف سوف تتحسن أيضا، وسوف يساعدك بعض الشيء، فأطرح عليك اسم دواء معروف يسمى (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، وتجاريا يسمى (زولفت) أو (لسترال)، وربما تجده تحت مسميات تجارية أخرى، تحتاج له أنت بجرعة صغيرة، وهو دواء غير إدماني وغير تعودي الحمد لله.

الجرعة في حالتك هي أن تبدأ بنصف حبة (خمسة وعشرون مليجراما) تتناولها يوميا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة كاملة (خمسون مليجراما)، وهذه هي الجرعة التي تحتاجها، علما بأن الجرعة الكلية أربع حبات في اليوم، لكنك تحتاج لحبة واحدة، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات