السؤال
السلام عليكم.
أعاني من القلق الشديد والحيرة في حالي، أشعر بالحزن، أفكر كثيرا في حالي، أجد أني لم أنجز شيئا، لا أحافظ على صلاتي، أسهو فيها كثيرا، مقصر ولا أجد عذرا لنفسي، عندي ذنب أعجز عن الإقلاع عنه، تركت الناس جميعهم إلا فيما أضطر إليه، أخاف من النفاق والرياء، رغم تقصيري، أحاول أن أسعى إلى النجاح أو ما ينجيني من نفسي، فما العمل؟ كيف أثق بنفسي وأتخلص من السهو والنسيان وعدم التركيز؟ فأنا لا أستطع اتخاذ قرارا سياديا في حالي، وأجد في نفسي الهوان وقلة الحيلة، فما نصيحتكم لي؟
تحياتي لكم، هدانا الله وإياكم إلى كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك - أخي العزيز - وأهلا وسهلا ومرحبا بك، وأسأل الله تعالى لك العون والتوفيق والقبول.
بصدد شكواك من القلق الشديد والحيرة والحزن، وعدم إنجاز أمورك المهمة، والمحافظة على صلواتك، فأنصحك بالتالي:
- اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)، (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)،
ومن أحسن الدعاء، اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال [متفق عليه]..
- الثقة بالله وحسن الظن به، والاستعانة به والتوكل عليه، بما يشتمل عليه التوكل من ركني: الاعتماد القلبي على الله تعالى، وبذل الأسباب.
- البعد عن أسباب الفشل والإخفاق والخذلان، (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان ) رواه مسلم.
- مجاهدة النفس على طاعته وذكره وشكره، فما عليك إلا بأن تبدأ في حلحلة أمورك، والتعامل معها بحزم، وهمة، وجدية، وثقة، وقوة إرادة، وعدم التساهل والتسامح مع العجز والكسل والفتور، وأهواء النفس والشيطان (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين )
- ومما يقوي النفوس ويطرد الضعف والوساوس: كثرة الذكر، والاستغفار والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
- استحضار فضل الله ونعمه وإحسانه عليك، وإدراك أن الواجب علينا مقابلة ذلك بالشكر بالقلب واللسان والجوارح، قال تعالى: (ولئن شكرتم لأزيدنكم)، فالشكر باللسان هو التحدث بنعم الله وذكره (وأما بنعمة ربك فحدث)، وأما الشكر بالقلب: فباستحضار أنها من الله وحده (وما بكم من نعمة فمن الله)، وأما الشكر بالجوارح فبأداء أركان الإسلام من: الشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، ومحاسن الأخلاق، وأهمها بر الوالدين، وصلة الارحام، والإحسان إلى الناس.
- التوبة إلى الله، والبعد عن التعلق الزائد بالدنيا، وعن المعاصي والشهوات المحرمات:
رأيت الذنوب تميت القلوب** وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب** وخير لنفسك عصيانها
إذا كنت في نعمة فارعها** فإن المعاصي تزيل النعم
وحافظ عليها بشكر الإله** فرب العباد سريع النقم.
- ومن المهم جدا في هذا الأمر: الحرص على لزوم الصحبة الصالحة، والاقتداء بهم، والعلاقات الحسنة.
- البعد عن الشهوات وما فيه مضيعة الأوقات من الصحبة الجاهلة أو السيئة، أو وسائل التواصل والإعلام السيئة؛ لما فيها من تحصيل الضعف والخذلان والهوان والحرمان.
- حسن الصلة بالله بلزوم الأذكار والطاعات، ومنها: المحافظة على الصلاة؛ فهو مهم في تحصيل عون وتوفيق الرحمن، فلا مجال للعذر، وعليك البدء وفقك الله (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة)، (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا).
- من المهم إدراك أنك قد تفجأ بعدم وقوف الناس معك لما يرونه من فتورك، فلن يساعدك من الناس أحد إلا بقدر البدء بمساعدة نفسك، وأن الحياة لا تحابي الضعفاء والكسالى والمترددين، وبهذا الصدد فلا بد من تنمية ذاتك وثقافتك بالإكثار من القراءة والمتابعة، لكن فيما يعود عليك بالفائدة والمنفعة في دينك ودنياك، وتنمية مواهبك ومهاراتك العلمية والعملية؛ كونها مفاتيح لبناء الشخصية والنجاح في العمل والحياة.
أسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويشرح صدرك، ويرزقك التوفيق والسداد والخير والحكمة والهدى والصواب والرشاد والنجاح في أمورك وحياتك عامة، والله الموفق والمستعان.