السؤال
السلام عليكم
في أحد البرامج المشهورة لفعل الخير، ذهب أحد العاملين في البرنامج إلى سيدة أرملة وعندها ولد مريض ولا تعمل، وصل بها الحال أنها كانت صائمة وتريد أن تتسحر فلم تجد ما تتسحر به، لا خبزة واحدة ولا رغيف عيش، لا يوجد عندها شيء، فدعت الله عز وجل وقالت: اللهم ربي الرزاق، وأنت تسخر لنا من يأت لنا ليساعدنا بقدرتك، وأنت أرحم الراحمين، وأنت تعلم بالحال.
استجاب الله -عز وجل- لها، وجاء أحدهم في اليوم التالي مباشرة، وجاء هذا الرجل الكريم ليقدم مساعدة كبيرة جدا لها، لعلها تغنيها طوال حياتها.
السؤال: كيف يصل الإنسان المسلم إلى مرحلة اليقين والثقة بالله -عز وجل- والتوكل عليه لهذه الدرجة، وما هي الأعمال التي يفعلها المسلم ويداوم عليها ليصل بأمر الله -عز وجل- لهذه الدرجة من اليقين والثقة والتوكل على الله -عز وجل-؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
مرحبا بك -أخي الكريم-، ونسأل الله أن يرزقنا وإياكم اليقين بالله، والجواب على ما ذكرت:
- بداية هذه المرأة الصالحة التي لجأت إلى الله صادقة مخبتة راجية، دعته وهي موقنة بالإجابة، فاستجاب الله دعاءها، فهكذا ينبغي أن يكون المؤمن بالله إذا دعا الله تعالى.
- وأما سؤالك عن اليقين وكيف يصل إليه الإنسان؟ فالجواب:
* فاليقين: هو العلم الذي يحمل صاحبه على الطمأنينة بخبر الله، والطمأنينة بذكر الله، والصبر على المكاره، والقوة في أمر الله، والشجاعة القولية والفعلية، والاستحلاء للطاعات، وأن يهون على العبد في ذات الله المشقات وتحمل الكريهات.
- وفي حال الدعاء فاليقين فيه، فهو أدب من آداب الدعاء، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" رواه الترمذي، ومعنى اليقين في الدعاء أن نعتقد أن الله لا يخيب رجاءنا، وأنه يستجيب لنا لسعة كرمه وكمال قدرته وإحاطة علمه، وهناك آداب أخرى لاجابة الدعاء تضاف إلى اليقين:
• الإخلاص لله في الدعاء؛ لأنه عبادة، والعبادة من شرط قبولها الإخلاص.
• أن يكون الداعي محققا لأصل الإيمان، راشدا في علمه وعمله الصالح بتقوى الله بفعل الطاعات واجتناب المعاصي.
• الإكثار من الدعاء والالحاح فيه، وأن يبدأ بالثناء على الله بما هو أهله، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتقديم الاستغفار والتوبة بين يدي دعائه.
• ألا يستعجل العبد في استجابة الدعاء، فإن الله -سبحانه- أعلم بمصالح عباده، وما من داع إلا ويستجاب له بأن يعطى سؤله، أو يصرف عنه من الشر مثله، أو يدخر له في الآخرة أجرا ومثوبة.
• أن يكون الداعي حاضر القلب، مقبلا على ربه في خشوع وسكينة.
• تحري الأزمنة والأمكنة والأحوال التي يستجاب فيها الدعاء.
• أن يجمع في الدعاء بين أهم الأمور في صلاح دينه أولا ، ثم يتبع ذلك ما يصلح دنياه وآخرته، والأولى الدعاء بما أثر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لما فيه جوامع الخير.
• البعد عن كل موانع استجابة الدعاء، من الكسب والأكل والشرب مما حرم الله، ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيما يتعين عليه أن يأمر به أو ينهى عنه، ومن الدعاء بإثم مما حرم الله أو بقطيعة رحم.
- وأما سبل تحقيق اليقين عموما في الدعاء وغيره، فيمكن أن تحقق ما يلي:
1/ بكثرة النظر والبحث في دلائل عظمة الله، والنظر في شواهد التوحيد ودلائله الصحيحة الدالة على الوحدانية والملك والتدبير لهذا الكون.
2/ بذل الوسع في فعل الطاعات، والمجاهدة والمصابرة عليها.
3/ اجتناب المنهي عنه، حتى تتزكى النفس، وتتخلص من حظوظها ويسلم القلب ويصفو ويزداد الإيمان حتى يبلغ مرتبة اليقين.
4/ العناية بكلام رب العالمين، تلاوة، وتدبرا، وعلما، وعملا.
وفقك الله لمرضاته.