فقدان الشهية العصبي.. الأسباب والعلاج

0 416

السؤال

لي صديقة مقربة جدا، تبلغ من العمر 24 عاما، تعاني منذ حوالي أربعة أعوام من داء النحافة أو ما يسمى بفقدان الشهية العصبي = القمة العصبي، في بداية الأمر لم تكن تعلم ما هي الحالة التي تعاني منها، وبعد حوالي عام بدأت تدرك أن ما بها هو مرض وله اسم علمي، وكان ذلك بعد أن قرأت مقالات عنه، وشاهدت برامج تطرقت له، وبعدما اطلعت بشكل أكبر تأكدت أن هذه هي الحالة التي تعاني منها بالضبط.

فرحت في البداية أنها عرفت هي مما تشكو، وأنها حالة معروفة وليس شيئا غريبا خاصا بها، لكنها بعدما قرأت عن المرض وبحثت فيه وجدت ما قد ينتج عنه من مخاطر، وأن علاجه ليس بالسهل والمتيسر، وبعد أن عرفت مسمى حالتها (وهي متأكدة 100% من تشخيصها، ولا تقبل النقاش والشك فيه) أجرت اختبارا في موقع نفساني للدكتور عبد الله السبيعي وكانت النتيجة هي نفسها.

كتمت سرها ولم تخبر أحدا بذلك، كما أن الأشخاص من حولها لم يشكوا بها، خاصة أن هذا المرض ليس معروفا بشكل كبير، كنت أحس بأنها تعاني وأن ثمة أمورا كثيرة في شخصيتها ونفسيتها تغيرت، وقبل أكثر من عام أفصحت لي عن حالتها وبصعوبة؛ لأنها لم تكن تتخيل أنها ستتحدث لأحد يوما ما عن ذلك، لكنها خرجت عن حدود صمتها وتكلمت.

لم تستطع الإفصاح بوضوح عن أبعاد الحالة، لكن ما توصلت إليه منها أن البداية كانت مع نقصان وزنها بسبب قلة أكلها؛ لأنها خضعت لخلع متتابع لأضراسها، لكن استمرار نقصان الوزن استمر حتى بعد تحسن حالة أسنانها، وبحسب قولها لي: أن نقصان وزنها بسبب الأسنان كان بداية حالتها، أو كما تقول أن له علاقة بمرضها الحالي، وأن لكلام الناس عن (نحفها) تأثيرا كبيرا عليها، خاصة أنها كانت صاحبة جسم ممتلئ (سمينة نوعا ما) وخلال فترة قصير وصلت حد النحافة.

وتحكي لي عن بداية المرض وتقول: أنها استمرت 9 أشهر كأنها لا تأكل (فقط سوائل - زبادي - وأشياء خفيفة جدا)، ثم تحولت الحالة إلى تقيؤ الأكل البسيط، إلى أن وصلت حد الشره في الأكل ثم التقيؤ، حتى إن وزنها قد يزيد لفترة وتتحسن حالتها لكنها ما تلبث أن تعود للتقيؤ ونقصان الوزن!!

نفسيتها تتغير بشكل كبير، وتزداد سوءا مع الوقت، علما أنها كانت متفوقة دراسيا وطموحة واجتماعية ولها تأثيرها الكبير على الكثير من الناس، أما الآن فهي خائرة بلا همة، تحس دائما بالعجز والضعف، لا تستطيع أن تتخذ قراراتها بجرأة وسهولة، وتحس بثقل أي عمل ولو كان يسيرا، هي ما زالت تشحذ همم الآخرين وتساندهم، لكنها أمام نفسها ترى أنها انطفأت ولم تعد كسابق عهدها، حتى إنها وصلت إلى حالة تتمنى فيها الموت!!

تقول: حاولت كثيرا الخروج من هذه الحالة لكني لم أستطع عمل شيء!! ترفض مراجعة الطبيب، كما أنها ترفض أن يخرج هذا الموضوع عني أنا وهي حتى وإن وصلت حد الموت!! أرجو منكم إفادتي، كيف يمكنني مساعدتها؟!! كيف يمكنها التغلب على وضعها الحالي؟!! وهل يمكن ذلك؟ أتمنى تزويدي بمعلومات تفيدني في هذا المجال خاصة أن معرفتي بهذا المرض مازالت محدودة، ورفيقتي تجد صعوبة في مصارحتي والتوضيح لي!!


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم منصور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تم وصفه يمثل الوصف المثالي لعلة فقدان الشهية العصبي أو العصابي، وجانب السرية ورفض المساعدة الطبية يعتبر من المقومات الأساسية لهذه الحالة .

أرجو أن أضيف للتفاصيل التي ذكرتيها: أن هذا المرض أكثر شيوعا في المجتمعات الغربية، ولا شك أن التحولات الاجتماعية واعتبار أن النحافة لدى البنت هي سمة من سمات الجمال جعلت هذا المرض يكون أكثر انتشارا، كما أن الصعوبات الأسرية ربما تلعب دورا في بعض الأحيان، وإن كان معظم الفتيات اللاتي يعانين من هذه المشكلة هن في الأساس من أسر طيبة ومترابطة، ولكنها تعبر عن انفعالاتها بصورة غير سوية .

أصبح الآن هناك الكثير من التطورات في علاج فقدان الشهية العصبي، ويعتبر العلاج النفسي والإرشادي والسلوكي، والعلاج المعرفي، والعلاج عن طريق المساندة، هي الأسس الأساسية للعلاج، كما أن الأدوية التي تعمل على تنظيم مادة السيروتينين تعتبر من الأدوية الأساسية لعلاج هذه الحالة، ومن أهم هذه الأدوية الدواء الذي يعرف باسم بروزاك.

سيكون الوضع المثالي لهذه الأخت الفاضلة هو أن تقابل طبيبا أو مركزا نفسيا متخصصا في علاج فقدان الشهية العصابي، ونسبة لترددها وعدم إقدامها على اتخاذ هذه الخطوة، فسوف يكون عليك الدور الهام والريادي في إقناعها، وذلك عن طريق أن تؤكدي لها أن حالتها يمكن علاجها عن طريق المتخصصين، ويمكنك إتاحة الفرصة لها بأن تتحدث مع أحد المتخصصين في المرحلة الأولى عن طريق التلفون وذلك بعد الاتفاق معه.

أرى من الضروري جدا أن تلتفتي إلى التصرفات السرية التي تضر كثيرا بهؤلاء المرضى، ومنها استعمال المسهلات ومدررات البول، وممارسة الرياضة بشدة وعنف في الخفاء، وذلك من أجل فقد الكثير من الوزن، ولابد من مساعدة صديقتك حتى تبتعد عن هذه الممارسات.

سيكون من المستحسن فعلا بالنسبة لها أن تبدأ فورا في العلاج الدوائي، واستعمال العلاج الدوائي لمدة شهر أو شهرين ربما يزيد من قناعاتها بضرورة مقابلة الطبيب ومواصلة العلاج، فأرجو أن تبدأ هذه الأخت في تناول البروزاك بمعدل كبسولة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، ومدة العلاج في معظم العلاج هي عام أو عامان.

وبالله التوفيق.



مواد ذات صلة

الاستشارات