كيف أحبب زوجتي في العلم والتدين؟

0 35

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شخص أبلغ من العمر ٢٣ سنة، طالب علم شرعي ومتخرج في الجامعة، تزوجت بفتاة تصغرني بخمس سنوات، ومضى على زواجنا قرابة الثمانية شهور، وهي حامل في شهرها الرابع -ولله الحمد والمنة-.

وفي هذه المدة تبين لكل منا طباع الآخر وعاداته وتقاليده، كما يحدث لكل زوجين في بادئ حياتهم الزوجية، والأسرة من الطبقة متوسطة الالتزام، كعادة بعض البيوت منهم من يحب الله ويقبل عليه، ومنهم من يحب الله ولا يقبل عليه، وزوجتي كانت تميل إلى الفئة الثانية ولكن بالتحفيز تأخذ من الأولى قليلا، وكأغلب الفتيات في مثل عمرها، تحب مشاهدة التلفاز (بضوابطه) ودون إدمان، تتكلم مع صديقاتها في الهاتف بكلام لا يسمن ولا يغني من جوع.

وبسبب بعض الأخلاق السيئة التي تصدر منها -وهذا لا ينقص من شأنها كبشر يخطئ ويصيب-، والذي أشترك معها فيه بما ليس يشنع طبعا (كالغيرة، والجدال.. إلخ)، أصلح الله حالنا وأحوالنا، حدث فيما بيننا شجار ذات مرة (وهي حامل بنصف الرابع)، فكان أن انتهى ببعض الندبات والكدمات على يديها وبعض جسدها، وانفعال وبكاء صادر منها، فما كان مني إلا أن أسرعت لإصالحها وهي ترتجف بين يدي، وندمت أشد الندم على ما اقترفت في حقها وحق ولدي الذي في بطنها، ولكنه الشيطان -لعنه الله- والنفس لعبا دورهما في الزيغ، فما هي أفضل طرق الدعوة للزوجة لتحبيبها في الدين وطلب العلم، وهي لا تحب ذلك؟ وإذا كان العطف والحب بعد الشجار، فهل يلئم الجراح التي خلفها العنف عليها وعلى الجنين؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الفقير إلى الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل-، ونشكر لك حسن التوضيح وحسن العرض، ونسأل الله أن يعينك على الثبات وعلى الدين، وأن يقر عينك بصلاح زوجتك، وأن يرزقك أيضا من الأبناء الصالحين والبنات، وأن يلهمكم السداد والرشاد، ويصلح لنا ولكم الأحوال، ويحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

أرجو أن تعلم بداية أن النقص فينا جميعا معشر البشر، والنقص أكثر في النساء، والمرأة عوجاء، وستظل على هذا العوج والنقص، ولذلك ينبغي أن تكون هذه المسألة واضحة، ولعلي أحتاج أن أكرر هذا المعنى أمام أبنائي المتدينين الملتزمين من أمثالكم، ولأؤكد لكم ولنفسي ولأحبابنا الكرام أن مسألة تدين الزوجة يحتاج إلى بعض الوقت، وأن التدين عند النساء دائما له أنماط هو أقل في الغالب، وأن مسألة نقل الفتاة من مرحلة متوسطة إلى مرحلة متقدمة في التدين قد يحتاج إلى جهد كبير، نسأل الله أن يعينك عليه.

ولذلك أرجو أن تأخذ الأمور بشيء من الواقعية، فالنساء فيهن الضعف، والشريعة أيضا توسعت، يعني: حتى قال الشيخ ابن عثيمين: حكمة الشريعة في إباحة الدف والغناء في الأفراح للنساء لأن النساء ميالات إلى هذا، ولأن في طبعهن الألفة لهذا، ولذلك الشريعة تراعي هذا الجانب، فلا تستعجل نقلها، ولكن – الحمد لله – على الثوابت، أنت قلت (تشاهد بضوابط).

بعض الأمور التي تتضايق منها أرجو أولا أن تفرق بين حسن ظنك بها - وأنت ولله الحمد ظاهر أنك تحبها وتقدرها – وبين ما يرضاه الله تبارك وتعالى، لأن طريقة نهي الزوجة عن بعض المنكرات أحيانا تصلها رسالة أنك لا تحبها، فأكد لها على معاني الحب والأمان، وأنك متقبل بها وسعيد بها، وفرق بين الأمور التي لا ترضي الله وأنك تكره هذه الأمور، لا تكرهها هي، هذه نقطة مهمة جدا في مسألة دعوتها، وهو منهج، {قال إني لعملكم من القالين} هؤلاء الكفرة، هؤلاء الفجرة (قوم لوط) ما قال لهم لوط عليه السلام: "أنا أكرهكم"، وإنما قال: أكره ما تعملون، {إني لعملكم} يعني: أنتم أهلي، أنتم محبوبون - أنتم كذا – لكني أكره وأبغض ما تقومون به من أعمال؛ ولذلك هنا الفرق كبير بين الخطأ والمخطئ.

أيضا أنا أريد أن تنتبه لهذه المرحلة وأن في بطنها جنينا، وما يعتريها من تغيرات، خطورة التوترات عليها وعلى طفلها، يعني: هذه أمور أرجو أن تنتبه لها، وتجنب رفع اليد، لأن الكمال ألا نضرب، هذا هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو الذي يقول: ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي))، ما ضرب بيده امرأة ولا طفلا ولا خادما، فكيف يكون الضرب باستخدام العنف وفي بطنها جنين؟ ولذلك هذه مسألة أرجو ألا تتكرر، أنت تشكر على غيرتك وتؤجر عليها، ولكن لا أريد أيضا الجدال، وإنما أريد النقاش الهادئ الذي يساعدها في العودة إلى صوابها وتعود الأمور إلى نصابها.

بعد أربعة أشهر يكون الجنين نفخ فيه الروح، يتأثر بجدالكما وتوتركما وغضبها، وكل هذا ليس في مصلحة الجنين مطلقا، ولذلك بالنسبة لطرق الدعوة للزوجة أرجو أن تتواصل معنا لتذكر ما فيها أولا من الإيجابيات، وما عندها من نقائص، واستخدم الإيجابيات في دعوتك، يعني مثلا: (أنت جميلة – أنت رائعة – أنت نظيفة – أنت ... كذا، لكن حبذا لو عملت كذا)، بهذه الطريقة، ومعرفتك الحقيقية بها -إن شاء الله- تتعمق مع طول السنوات، ومع استمرار حياتكما معا، ومع حرصك على أن تؤدي الطاعات من صلوات وفعل الخيرات أمامها، هذه -إن شاء الله تعالى- أمور تعينك على تجاوز بعض الذي يحدث الآن.

وأيضا هذا الجرح سيلتئم -بإذن الله- بحسن تعاملك معها، وأيضا إذا تذكرت ما حصل فذكرها أنك لا تريد لها إلا الطاعة، وأنك من حبك لها تخاف عليها من غضب الله ومن ناره، وأنك تريد أن تسعد معها حتى يرزقكما الله ... يعني: من مثل هذا الكلام اللطيف، وركز على ما فيها من إيجابيات لتكثر الإيجابيات، ولا تركز على سلبياتها.

ونسأل الله أن يجلب لكما الاستقرار والسعادة، ونسعد بتواصلك مع موقعك.

مواد ذات صلة

الاستشارات