السؤال
السلام عليكم.
هل من نصيحة؟ لدي سمات اضطراب الشخصية الحدية، كل صديقاتي والقريبات مني جدا تركتهم وقلبي يعتصر ألما، وفي العمل ملوا مني ومن تصرفاتي، حتى تنفسوا الصعداء باستقالتي، ولم يبق لي حقا إلا أمي، هي تشفق على حالي، لكن أكثر ما يعتصر قلبي إلى الآن فسخ خطبتي منذ سنة وشهرين، من الخاطب الوحيد الذي تعلق به قلبي ولا يزال، قمت بعمل حظر له على وسيلة التواصل، وكانت المرة الرابعة التي أقوم فيها بمثل هذا، فمرة خرجت مسرعة من عند أهله في زيارة، وكان في كل مرة يأتي ليصلح.
أنا لست حزينة بالنسبة له، فالحمد لله الذي أنجاه، والغالب أنه تزوج، لا أعلم حقا، لكنني أتألم جدا، ولا أزال متعلقة به جدا، إنما أشكو لله ربي، وعسى أن يكون منكم كلمة طيبة أو نصيحة أعمل بها تخفف ألمي ووحدتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هبة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد ذكرت -يا ابنتي- في بداية رسالتك بأن لديك سمات الشخصية الحدية، فهل تم وضع هذا التشخيص لك من قبل طبيب نفسي أم هو مجرد توقع منك؟ لأن هذا التشخيص لا يقال به إلا إذا توافرت بعض الصفات الأساسية في الشخصية، وليس كل من لديه صفة واحدة من صفات هذه الشخصية ينطبق عليه التشخيص.
على كل حال، ومن خلال ما جاء في رسالتك يمكن القول بأن لديك مشكلة في إقامة علاقات جيدة مع الآخرين، وفي الحفاظ على هذه العلاقات لمدة طويلة، وبالفعل فإن هذه السمة تعتبر أحد سمات الشخصية الحدية، وسأركز في كلامي على هذه المشكلة أي على كيفية تكوين علاقات جيدة وبعيدة المدى مع الآخرين.
إن الإنسان بطبيعته وفطرته هو كائن اجتماعي، ويميل للعيش ضمن الجماعة، وهذا يتطلب علاقات صحيحة بين الأفراد والعلاقات الصحيحة تبنى عن طريق المشاركة بين كل الأطراف والالتزام والاحترام المتبادل.
وإليك بعض النصائح التي ستساعدك كثيرا في بناء العلاقات مع الآخرين والحفاظ عليها قوية في كل الظروف والأوقات سواء داخل البيت أو خارجه، قبل الزواج أو بعده.
1- ابدئي حديثك مع الشخص بالتواصل بطريقة محببة، فمثلا بادري الشخص بالتحية ثم اسأليه: كيف كان يومك؟ ثم تابعي الحوار معه.
2- أظهري تقديرك وشكرك لأي عمل أو جهد يقدمه الشخص لك مهما بدا صغيرا، فالتقدير والامتنان يعزز السلوك الإيجابي ويعطي فكرة جيدة عن الشخصية.
3- تذكري الأمور الصغيرة والتفاصيل التي يحبها الشخص الذي تقابلينه، فمثلا خلال الحديث مع الشخص استمعي له جيدا، وركزي على الأمور التي تهمه، واسأليه عن هذه الأمور في المرة القادمة، فهذا مما يفرح الشخص ويشعره باهتمامك به.
4- أظهري اهتمامك ومودتك للآخرين باستمرار وقدميهم على نفسك في بعض المواقف، مثلا: إذا كنت مع صديقتك أو أختك اسبقيها بخطوات، وافتحي الباب لها لتدخل لقبلك.
5- تجاوزي أحداث ونزاعات الماضي، ولا تجعلي منها حجر عثرة في طريق الصداقة.
6- عند حدوث الخلافات لا تأخذي الأمور بشكل شخصي، ولا تسمحي للصوت السلبي الذي بداخلك أن يتحكم في مشاعرك، فليس كل من تصرف تصرفا سيئا أو قال كلمة سيئة يقصدك أنت بها.
7- احترمي حدود الآخرين، فمثلا إن كانت صديقتك لا تحب أن تتصلي بها في وقت معين من اليوم فاحترمي رغبتها، ولا تتصلي في ذلك الوقت، وإذا كانت لا تحب الخوض في موضوع معين، فلا تتطرقي له بوجودها.
8- لا تركزي على كسب الموقف، بل ركزي على كسب الشخص، ومن أجل ذلك اعتذري عندما يحتاج الموقف منك الاعتذار، ولا تعتبري ذلك ضعفا، بل على العكس، فإن الاعتذار يعبر عن نضج الشخصية وتوازنها.
9- تقبلي أي ملاحظة أو اقتراح برحابة صدر، حتى لو تطلب الأمر تقديم بعض التنازلات البسيطة في سبيل الحفاظ على العلاقة.
10- تفادي المزاح الجارح والتندر والاستهزاء بالآخرين.
11- تحدثي مع الشخص بصوت منخفض وهادئ، وتفادي الصراخ أو الصوت المرتفع.
12- لا تتسرعي في الحكم على الآخرين، وخذي الوقت الكافي للتعرف على الشخص، وتخيلي نفسك في مكانه في أي موقف صعب.
13- إذا أردت تنبيه شخص إلى خطئه فافعلي ذلك بطريقة مناسبة، وهناك طريقة نسميها (طريقة الشطيرة)، وهي كما يلي: ابدئي بجملة ثناء على الشخص، ثم اذكري الملاحظة التي تودين قولها له، ثم اختمي بجملة شكر وتقدير له.
بالطبع - يا ابنتي- إن التدرب على كل ذلك يتطلب وقتا ومثابرة، ولكن المردود يستحق، والنتيجة مجزية بإذن الله تعالى.
أسأل الله عز وجل أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى دائما.