السؤال
السلام عليكم.
أولا: أود أن أشكركم على هذا الموقع الناجح، وأتمنى من الله أن يجازيكم كل خير.
أنا أعاني من الوسواس في كل شيء، في الأمراض، والموت، وأعاني من خفقان، ودوخة، وعانيت من نوبات هلع، لدرجة أنني ذهبت لعمل إيكو للقلب -والحمد لله- كانت النتيجة سليمة.
كلما عانيت من عرض صغير أذهب إلى الطبيب، ومع ذلك لا أحس بالراحة، وأقول: لا بد أن أغير الطبيب، المهم في المرة الأخيرة التي ذهبت فيها إلى الدكتور قال لي : لديك أعصاب في المعدة من كثرة التوتر والوسوسة والاكتئاب، ومؤخرا يا دكتور أوسوس بأنني مصابة بالغدة فقمت أتفحص عنقي، فوجدت انتفاخا في عصبة الرقبة الأمامية انتفاخا لا يمكن رؤيته، تحسسته باليد فقط كأنه تشنج لعضلة، فهو ليس انتفاخا كأن العضلة صارت صلبة، لا أعرف إذا كان هذا الشيء بسبب التوتر والحزن الذي أعاني منه أم من شيء آخر.
والله سأجن من كثرة التفكير ومن خوفي أن يكون شيئا خطيرا، مع أنه -الحمد لله- ليس لدي أعراض الغدة، فأنا أستخدم الكمبيوتر المحمول كثيرا والهاتف النقال أيضا، ولا أجلس بالطريقة الصحية، وغالبا ما تكون رقبتي في وضعي غير صحي، أرجوك يا دكتور قل لي ما هي الأعراض؟ وهل سببها نفسي أم جسدي؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ رغد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، تقبل الله صيامكم وطاعاتكم، وقد وصفت حالتك بصورة دقيقة، وأعراضك واضحة جدا.
بالفعل أنت لديك أعراض ما نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، وهذا أدى ما نسميه بالمراء المرضي، أي: التخوف من المرض أو توهم المرض، والذي ينتج عنه سوء التأويل لأي عرض يصاب به الإنسان، مما ينتج عنه التنقل بين الأطباء، وكثرة الاطلاعات الطبية على الإنترنت، وخلافه، هذه علة مزعجة حقيقة، هي ليست خطيرة لكنها مزعجة، لأنها تجعل الإنسان دائما في حالة شد وقلق وخوف، وفيها مضيعة للوقت.
أولا: اعرفي أنك في هذا العمر الله تعالى حباك بطاقات كثيرة، طاقات عظيمة، (جسدية ونفسية واجتماعية)، وأنت في حالة صحية سليمة، والمطلوب منك هو أن تعيشي حياة صحية سليمة، وهذه تتطلب أولا: أن يكون الغذاء متوازنا.
ثانيا: أن تقومي بإدارة وقتك بصورة صحيحة وجيدة، تستفيدي من أوقاتك، تتجنبي الفراغ – الفراغ الذهني والفراغ الزمني -.
ثالثا: يجب أن تمارسي رياضة، أي رياضة تناسب المرأة المسلمة ستكون ذات فائدة كبيرة جدا بالنسبة لك، لأن الرياضة تقوي النفوس قبل أن تقوي الأجسام.
من الأمور المهمة أيضا أن تأخذي قسطا كافيا من النوم الليلي، والنوم الليلي المبكر لا بديل له أبدا، ويكون استيقاظك مبكرا، وبعد صلاة الفجر يمكن للإنسان أن يقوم بأشياء كثيرة جدا، والإنسان الذي ينجز في فترة البكور في الصباح تجد أنه مرتاحا تماما بقية اليوم، ويقوم بالمزيد من الإنجازات.
من المهم جدا أن تضعي لحياتك هدفا أو أهدافا، يكون لديك مشاريع حياتية: ما الذي تودين القيام به؟ وكل إنسان يمكن أن يكون له مشروع، حتى الذي ليس له ارتباطات أو التزامات أسرية يمكن أن يدخل في مشروع لحفظ القرآن، هذا مشروع عظيم، أو تحضير لدراسات عليا... فإذا المشروع الحياتي مهم جدا.
هذه هي الأسس العامة لعلاجك. بعد ذلك أكلمك عن العلاج التخصصي – أو الخاص -: أنت محتاجة لأحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسي، فإن استطعت أن تذهبي إلى طبيب نفسي هذا أمر جيد، وإن لم تستطيعي هنالك دواء يسمى (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريا (زولفت) أو (لسترال)، وربما تجدينه تحت مسميات تجارية أخرى.
ابدئي في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة (خمسة وعشرون مليجراما) يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة واحدة يوميا لمدة شهر، وبعد ذلك اجعليها حبتين يوميا – أي مائة مليجرام – يمكنك تناولها كجرعة واحدة ليلا. هذه هي الجرعة الوسطية، علما بأن الجرعة الكلية للدواء هي مئتا مليجرام، لكنك لست في حاجة لها، استمري على جرعة المئة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى حبة واحدة (خمسين مليجراما) لمدة شهرين، ثم اجعليها نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا دواء متميز لعلاج قلق المخاوف الوسواسي، وأنا متأكد أنه سوف يفيدك، وأبشرك بأنه سليم وسليم جدا، ولا يؤدي إلى الإدمان، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية. ربما يفتح الشهية قليلا نحو الطعام، ويمكنك التحكم في ذلك.
أنصحك أيضا ألا تترددي على الأطباء مطلقا، قومي بزيارة طبيب الأسرة – أو أي طبيب باطنة تثقين فيه – مرة واحدة كل ستة أشهر مثلا من أجل إجراء الفحوصات العامة.
هذه هي الطريقة الصحيحة والطريقة الصحية للتعامل مع حالتك هذه، وأن تخرجي نفسك من التوهمات المرضية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.