السؤال
السلام عليكم.
مما نراه كثيرا في أيام رمضان والأعياد الصواريخ والألعاب النارية التي يقوم بها الأولاد، وهذه الصواريخ أصبح صوتها عاليا جدا تشبه القنبلة، وبالفعل تؤدي إلى الفزع والاضطراب في القلب.
وأنا هنا ألقي باللوم والمسئولية في المقام الأول على الوالدين؛ لأنهما ما دربا وعرفا وأرشدا وعلما أولادهما عظمة وحرمة هذا الفعل الشنيع، وهو ترويع المسلم وحقوق وحرمات العباد التي عليهم، حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه، ففزع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل لمسلم أن يروع مسلما).
أريد كلمة شديدة لأولياء الأمور تعرفهم فيها عظمة جرم ووزر وذنوب وسيئات ما يحملونه؛ لأنهم أولا أعطوا أموالا للأولاد، فلا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، منها ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وثانيا: لم يعرفوهم الدين، ولم يعلموهم احترام حقوق العباد وحرماتهم.
فكيف نبعد أولادنا عن هذا الفعل الشنيع؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخانا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وهذا السؤال والتنبيه الرائع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يقر أعيننا بصلاح الأبناء والبنات، وبوعي الرجال والنساء، ونسأله تبارك وتعالى أن يلهمنا جميعا السداد والرشاد.
أحسنت فعلا، فما يحدث من إزعاج في المفرقعات والألعاب النارية، الذي يحدث أحيانا من الأطفال، من الأمور التي فيها مخالفات وفيها مخاطرات، والشريعة كما أشرت تحرم أن نروع مسلما، وهؤلاء يروعون أعدادا كبيرة من الناس، فيهم أطفال، فيهم نساء، فيهم عجزة، يعني: ليس مجرد مسلم واحد، وإنما عدد من الناس قد يصاب بالروع، وقد يصيبه الضرر أيضا بأصواتها المزعجة أو ربما بما يخرج منها من نيران ودخان أو نحو ذلك، وأحيانا تحدث أخطاء أيضا في مثل هذه الألعاب النارية واستخدامها الخطرة.
ولذلك نحن أولا: نوجه كما أشرت الرسالة للجهات المسؤولة، بضرورة أن تضع لهذه الأمور حدودا.
التوجيه الثاني: الراعي مسؤول عن رعيته.
التوجيه الثالث – كما طلبت – للآباء وللأمهات، أولا: أن يجعلوا أبناءهم يبتهجوا بغير هذه الطريقة، وأن يبينوا لهم خطورة إفزاع المسلم أو إدخال الخوف عليه، والنبي -صلى الله عليه وسلم-، نهى في هذا الحديث الذي أشرت إليه وفي غيره من الأحاديث عن ترويع المسلم، هذا المسلم قد يكون نائما فيفزع من نومه بسبب أصوات هذه المفرقعات، هذا المسلم قد يكون أصلا عنده اضطراب نفسي، قد يكون خفيفا لا يتحمل مثل هذه الأمور، قد يكون مريضا ولا يتحمل تلك الأصوات ولا رائحة تلك المفرقعات.
فالأمر في خطورة بمكان، وكون الآباء شركاء في الإثم هذا لا شك فيه، شركاء لأنهم لم يحسنوا التربية، ولم يحسنوا استخدام الأموال التي وضعوها في أيد الأبناء، ومعروف أن الصواب في مثل هذه الأحوال أن يكون لهذه الألعاب ميادينها، أماكن معينة بعيدة عن الناس، وهذا أمر آخر، يعني: قد يحتفل الناس في ساحات وميادين مخصصة، كل من يذهب هناك يعرف أن هناك ألعاب وهناك أشياء من هذا القبيل، مع أننا لسنا بحاجة إلى كثير لعب بمقدار حاجتنا إلى الجد واستثمار هذه الأموال، نحن أمة الجوعى، نحن الأمة التي فيها بئر معطلة وقصر مشيد، هذا التفاوت الكبير والخطير.
ولذلك ينبغي أن ننتبه، وليتنا نضع قيمة هذه الألعاب في بطن جائع، أو نساعد بها محتاج، ونربي أبنائنا على مثل هذا، هذا إتلاف للأموال، وإزعاج للناس، وإدخال للخوف عليهم، مع قلة الفائدة، بالإضافة إلى ما يحدث عندنا ألعاب من اختلاط ومخالفات شرعية، وقد يكون هذا فيه إزعاج أيضا للمصلين في بيوتهم، للنائمين، لكل الناس، هذا نوع من الإزعاج والأذية، ونحن بحاجة إلى أن نربي أبنائنا حتى يكفوا أذاهم عن الآخرين، فالمؤمن يحب للناس ما يحب لنفسه، ويكره للآخرين ما يكرهه لنفسه.
فوصيتك في مكانها، زادك الله حرصا وخيرا، وشكر الله لك، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله تبارك وتعالى، وعلينا جميعا أن يكون لنا دور وإسهام في توعية من حولنا، فإن هؤلاء الأطفال هم أبناء جيراننا وأبناء إخواننا وأبناء أخواتنا، فهم لا يخرجون من هذا الإطار، والكل يجب أن يشارك في التوعية، ونسأل الله الهداية للجميع.