السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا فتاة ملتزمة، -والحمد لله، هناك شاب محترم من عائلة متدينة أحبني لتديني والتزامي، ووعدني بالزواج بعد الجامعة، لم أكن أود الخوض بعلاقة قبل الزواج، وحاولت أن لا ألتفت لمشاعري، لكن الله يعلم كم جاهدت، ومال قلبي له رغما عني، كنا ندعوا دائما بالحلال، حاولنا أن نتقي الله في حبنا، وننتظر الحلال، فلم نتحدث كثيرا خلال هذه السنوات، لكننا بضعف أنفسنا وأهوائنا تجاوزنا بضع مرات قليلة بالحديث، ثم قطعنا لعلمنا أن الله لا يبارك بالحرام، بعد ذلك لم تتيسر ظروفه، ولم يوافق والداه علي لأسباب غير شرعية، وبغير وجه حق، فتركني وهو متألم، واعتذر بأنه لن يستطيع الزواج بي، وأنا تركت الدعاء بعد ذلك، ولم أعد أبالي بشيء.
أحسست بانطفاء قلبي لعظم خسارتي لهذا القلب الذي كان يرغب بالحلال فقط، ويكره هذه العلاقات رغما عنه وقع بها، ثم حاولت استغلال وقتي بأمور مفيدة لديني، بعد سنتين عدت للدعاء به رغم صعوبة الأحوال، لكنني أقول بأن الله قادر على تغيير هذه الأحوال، وجعله من نصيبي.
أشعر أن هذه أمنيتي في الدنيا، ستقولون لي الأفضل أن أدعو بالزوج الصالح، لكني فعلا أتمناه هو نفسه! إذا تقدم لي شخصا سأفكر بعقلي، وليس بقلبي لعل الله كتب لي خيرا مع غيره سأستخير وقتها، لكني لا أريد استباق الأحداث، فعلا أتمناه هو، وهو إنسان صالح، وقلبي ما زال يتمناه زوجا لي، فهل هناك مشكلة في استمراري بالدعاء به بعدما حصل؟ وكيف أستطيع مسامحة نفسي، فأنا أشعر باحتقار لنفسي عندما أتذكر تجاوزاتي معه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.
وما ذكرته من تجاوزات حصلت بينك وبين هذا الشاب، فعليك أولا المبادرة للتوبة منها إلى الله سبحانه وتعالى، والله تعالى يقبل توبة التائب ويسامحه، ويجعل توبته ماحية لذنوبه، فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم:" التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، وهذا من رحمة الله تعالى ولطفه وبره أن جعل التوبة ماحية لذنوبنا وجعل بابها مفتوحا لا يغلق إلا إذا غرغر الإنسان أو طلعت الشمس من المغرب.
فلا تيأسي من عفو الله تعالى ورحمته ومسامحته، ولا داعي لأن تؤنبي نفسك تأنيبا كبيرا يصل معه القلب لليأس، والقنوط أو التكاسل والقعود عن السعي فيما ينفعك عند الله تعالى، والله تعالى بشرنا في كتابه الكريم بقبول التوبة كما قال سبحانه وتعالى:( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)، والتوبة منها تحصل بالندم على ما فات والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع ترك هذا الذنب.
أما هل تستمرين في الدعاء بأن يرزقك الله تعالى هذا الشاب فهذا الدعاء جائز من حيث الجواز يجوز لك أن تدعي بهذا الدعاء، ولكن هل هو الأفضل أو لا؟! هذا أمر غيبي، والله أخبرنا في كتابه الكريم بأننا بضعفنا البشري قد نحرص على الشيء ونتمناه لظننا أنه الخير، والأمر يكون بخلافه، فقال سبحانه وتعالى:(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، فنحن لا نعلم عواقب الأمور ولا نهايتها، ولهذا فالأحسن والأدب في الدعاء أن تسألي الله سبحانه وتعالى أن يرزقك الزوج الصالح، والله تعالى سيقدر لك الخير سواء في هذا الرجل أو في غيره، ومعالجة التعلق بهذا الشاب تكون بالسعي لنسيانه وقطع أي شيء يذكر به.
فحاولي أن تتخلصي من كل شيء يذكرك بهذا الشاب، واستحضري في قلبك اليأس منه وعدم إمكان الاجتماع معه في ظل الزوجية ما دامت الأمور كما ذكرت، فإذا فعلت هذين الأمرين، قطعت كل شيء يذكرك بهذا الشاب، وانصرفت عن الانشغال به، ثم استحضرت اليأس في قلبك، فإن هذا بإذن الله تعالى سيزيل تعلق قلبك به..
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يقدر لك الخير حيث كان، ويرضيك به.