السؤال
السلام عليكم.
خطبت فتاة زميلة لي في العمل منذ حوالي 7 أشهر، وهي فتاة طيبة من بيت طيب، ولكن أشعر منذ وقت كبير بضيق في نفسي وأريد فسخ الخطبة، ولكني أجاهد نفسي حتى لا أفعل كي لا أظلم الفتاة، ومع ذلك يتزايد ذلك الشعور بالضيق، خصوصا مع ثقل الطلبات المادية التي طلبت مني من قبل أهلها من ذهب ومهر وخلافه.
أنا أسعى للزواج بالأساس كي أعف نفسي عن النظر إلى ما حرم ربي، وأخشى إن تزوجت تلك الفتاة مع ذلك الضيق في نفسي ألا أكون أصبت ذلك الهدف الذي أسعى إليه، وأكون ظالما لنفسي ولها، فهل إن فسخت خطبتي بها يكون ذلك بترا مني لشيء طيب أعطانيه الله؟ وهل يكفي ضيق النفس فقط لفسخ الخطبة؟ خصوصا أني جاهدت نفسي مرارا لكي أدفع ذلك الضيق ولكن يعود أقوى مما سبق، وهل إن فسخت الخطبة دون سبب واضح يكون ذلك شيئا سيئا مني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أخي الكريم-، وردا على استشارتك أقول:
لم تذكر لنا من صفات هذه الفتاة إلا أنها طيبة ومن أسرة طيبة، ولم تبين المقصود من ذلك، ولهذا أقول ينبغي أن يتوفر في شريكة الحياة الصفات التي أرشدنا إليها نبينا عليه الصلاة والسلام بقوله: (تنكح المرأة لأربع: لجمالها ولحسبها ولمالها ولدينها فعليك بذات الدين تربت يداك)، ومعنى تربت يداك التصقت بالتراب، فلا خير في زوجة لا دين لها ولا بركة فيمن كانت سبب فقر زوجها.
ذكرت أن من أسباب الضيق الذي تجده كثرة التكاليف التي طلبها أهل تلك الفتاة، فإن كان ذلك هو السبب الوحيد فلا حرج عليك أن تفاوضهم بحيث تبين لهم قدرتك، فإن وافقوا ذهب السبب، وإن رفضوا فيكون عندك المبرر للترك، لكن هذا بشرط أن يكون وليها قد بالغ وخرج عن المألوف المتعارف عليه في بلدتك، أما إن كان متفقا مع المتعارف عليه فإنك لن تجد من يقبلك بأقل مما طلب وليها، وبهذه الطريق فلن تستطيع الزواج.
إن كانت المرأة طيبة وصاحبة دين وخلق، فالزوج يدفع ما يطلب وليها؛ لأن الزوجة الصالحة نعمة من الله على العبد، وقل أن يجد الرجل مثل هذا الصنف من النساء، والمال يعوضه الله سبحانه كما قال: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم).
إن كان ثمت سبب آخر لضيق نفسك وغير معروف، فهذا قد يكون بسبب وساوس شيطانية، وقد يكون بسبب حسد، فأما الوساوس فتدفع بعدم الالتفات لها وصرفها عن الذهن؛ لأن الشيطان لا يرد لأحد أن يعف نفسه بالحلال، وأما إن كان ضيقا في الصدر فهذا الأمر يحتاج منك أن ترقي نفسك أو أن تبحث عن راق أمين وثقة من أجل أن يستكشف حالتك، فإن تبين أنك مصاب بحسد فاستمر بالرقية حتى يزول ما في نفسك.
الذي أراه أن تتأنى في مسألة فسخ الخطوبة وتفعل ما وجهتك به سابقا، فإن كانت الفتاة صاحبة دين وخلق فلا تهم المال، وخاصة إن أصر أهلها على طلباتهم، وإن تبين أنك قد أصبت بحسد فعلاجه يسير، وخاصة إن كنت تشك بشخص محدد فيمكن أن يطلب منه أن يتوضأ وتأخذ الماء الذي توضأ به فتغتسل به، وإن لم تشك بأحد فبالرقية يزول -بإذن الله تعالى-.
احذر من التعجل باتخاذ القرار وكن متأنيا، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (التأني من الله والعجلة من الشيطان)، وفي المثل: (في التأني السلامة وفي العجلة الندامة)، ولقد أحسنت حين استشرت، ومع الاستشارة صل صلاة الاستخارة وادع بالدعاء المأثور، ثم إن كان السبب لما تجده من ضيق سببه كثرة التكاليف فابدأ بالتفاوض مع ولي المرأة، فإن تنازل عن بعض التكاليف فهذا يعني أن الله قد اختار هذه المرأة لتكون زوجة لك، وإن أصر على مطالبه وتعنت فذلك دليل أن الله قد صرفك عنها، واعلم أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه، ولن يختار الله لك إلا ما فيه الخير لك.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.