أعاني من قلق وتوتر باستمرار، وأفكر في كل الأمور، كيف الخلاص؟

0 21

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع المبارك وبارك في جهودكم.

أعاني منذ فترة من قلق وتوتر، وتأنيب ضمير مبالغ فيه وتفكير مستمر لا ينقطع، كأنني في دائرة لا تنتهي، ألوم نفسي كثيرا، الموضوع الذي أفكر فيه أشعر أنه أهم شيء حين أفكر به، وأشعر أنه يجب أن أتضايق عليه وأندم، وحين أنتهي منه أفكر في موضوع آخر أشعر أنه هو المهم والسابق أمره بسيط.

أفكر في مواقف حصلت لي حتى ولو كانت قديمة منذ سنة أو أكثر، وأندم عليها لماذا قلت كذا وكذا؟ حتى وإن كان الموضوع سخيفا فإنه يسبب لي ضيق ويعكر مزاجي.

الآن أصبحت أكثر ترددا ودقة، وكل شيء أفعله أفكر فيه، مثلا: إذا كلمت صديقتي مكالمة هاتفية بعد المكالمة أتضايق جدا، لماذا قلت كذا والمفروض أقول كذا، وهكذا حتى على المواقف القديمة، حتى أحيانا في بعض المواقف لا يكون كلامي خطئا، ونيتي سليمة، ولكنني أخشى أن أفهم بشكل خطأ، أشعر أنني أراعي الناس كثيرا.

أنا متزوجة ولدي أبناء وموظفة، وكنت فتاة مجتهدة ومتفوقة في دراستي، وأسعى أن أكون أما وزوجة صالحة مهتمة، كان لدي قلق وتوتر، ولكن كان قلقا معقولا، والآن أصبح يسيطر علي، حتى أحيانا يؤثر على مزاجي ومهامي اليومية، ويسبب لي ضيقة شديدة.

في السنوات الأخيرة حصلت لي مشكلتين، وبالغت في القلق جدا وكأنها نهاية العالم، بعدها أصبحت قلقة أكثر، ولكن حياتي كانت طبيعية، يعود لي التفكير من فترة لأخرى، والآن يلازمني لا ينقطع، لدي قلق من المستقبل وخوف أن يحدث شيء، وهذا يفقدني لذة الحياة، حتى أنني أحيانا أشعر بالحر وأتعرق من التفكير، وأصبحت أحلل كل الكلام والمواقف حتى التي لا تخصني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

القلق طاقة إنسانية وجدانية محفزة بصفة عامة، لأنها هي التي تحرك في الإنسان الشعور بالمسؤولية من أجل أن ينجز وأن يقوم بواجباته ومهامه الحياتية، لكن القلق قد يخرج عن النطاق، قد يكون قلقا محتقنا، قلقا زائدا، أو قد يكون جزءا من البناء النفسي لشخصية الإنسان، وفي هذه الحالة هذا القلق له سلبيات كثيرة، أهمها أنه يجعل الإنسان في حالة تحفز ويقظة أكثر مما يجب، وكما تفضلت على المستوى الفكري يؤدي إلى تسارع في الأفكار، يؤدي إلى تداخل في الأفكار، يؤدي إلى تضخيم وتجسيد للمواضيع بسيطة جدا لا تستحق التضخيم، ويكون أيضا نمط التفكير نمطا وسواسيا، وينتج عن هذا -كما تفضلت- التردد والتدقق في كل شيء.

فالذي بك هو قلق نفسي وليس أكثر من ذلك، أخذ -كما ذكرت- لك بعض السمات الوسواسية.

العلاج طبعا أساسا هو أن تدركي أن هذا قلق، هو طاقة مطلوبة، والقلق ساعدك أن تنجزي إنجازاتك العظيمة (الدراسة، التفوق، الاجتهاد، الزواج، بناء الأسرة)، هذا كله سببه القلق، لكن يظهر الآن أن القلق قد فاض على الكيل وظهر ما ظهر.

هذه النقطة مهمة جدا؛ لأن الإنسان حين يدرك الدناميات وتفسير لهذه الظواهر؛ هذا في حد ذاته يساعد كثيرا.

الأمر الآخر هو: أن تجتهدي في إدارة وقتك بصورة صحيحة، لو أدرت وقتك بصورة جيدة وحرصت على النوم الليلي المبكر وتبدئي في الصباح بإنجازات هامة، وذلك بعد صلاة الفجر، هذا في حد ذاته يجعل مستوى القلق والتفكير فيه الكثير من الانضباط والمنطقية، وتختفي الظاهرة الوسواسية.

أيضا عبري عن ذاتك بصورة واضحة، لا تحتقني، الاحتقانات النفسية كثيرا ما تؤدي إلى ظهور مثل هذه الظواهر، والنفس لها محابس يجب أن نفتحها.

ممارسة أي رياضة مناسبة بالنسبة لك سيكون أمرا جيدا، وكذلك تطبيق بعض التمارين الاسترخائية، توجد برامج كثيرة جدا على الإنترنت -على اليوتيوب- توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، فأرجو أن تجعلي لنفسك نصيبا من هذا.

رفهي على نفسك بما هو طيب، كوني دائما متفائلة حيال النعم العظيمة التي أنت فيها، لا تتخلفي عن الواجبات الاجتماعية بقدر المستطاع.

وأعتقد أنك محتاجة لعلاج دوائي بسيط، عقار مثل (سيرترالين) والذي يسمى تجاريا (زولفت) بجرعة صغيرة، أعتقد أنه سوف يكون جيد جدا بالنسبة لك، يضاف إليه عقار آخر يسمى (فلوناكسول)، أيضا بجرعة صغيرة جدا.

جرعة الفلوناكسول هي نصف مليجرام يوميا في الصباح لمدة شهرين، أما الزولفت فتبدئي في تناوله بجرعة نصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجراما- يوميا لمدة أسبوع، ثم تجعليها حبة واحدة (خمسون مليجراما) يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة عشرة أيام، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام أخرى، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

بهذه الكيفية -إن شاء الله تعالى- أي بتطبيقات الإرشادات السابقة وتناول الدواء المطلوب، سوف تقل بدرجة عالية جدا حدة هذا القلق ويتحول إن شاء الله تعالى إلى قلق إيجابي إنتاجي مفيد بالنسبة لك ولأسرتك الكريمة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات