السؤال
السلام عليكم
عندي وسواس قهري وشك وريبة في موضوعات، لدرجة أني أتحدث مع نفسي كثيرا، وأتحاور بصوت مسموع، لدرجة أحس كأني مجنون، وتأتي علي لحظات الوسواس فأحاول إبعاد هذه الوساوس لدرجة الحلف بالطلاق لتكذيب هذه الوساوس.
وأحيانا أحلف بالطلاق حتى لا أتحدث في هذه الأمور، ولكن ألاقي نفسي تلقائيا أتحدث بها، فهل حلفي هذا كله يقع؟
مع العلم أن زوجتي لا تعلم شيئا، ولا أحب حلف الطلاق، وأتضايق ممن يحلفون، لكن كنت أحلف بسبب تعبي من هذا الوسواس، فكنت أحاول إبعاده عني، ولكني لم أستطع لدرجة أني أحس أني في جحيم، فهل طلقت أم لا؟ وهل علي شيء؟
وبعد ذلك أقول لنفسي زوجتي على ذمتي فأخطئ وأقول كلمة طالق بدلا على، ذمتي وأنا لا أريد قولها أو نطقها، أفيدوني أفادكم الله، وانصحوني ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على ثقتك في إسلام ويب، وأبشرك أن الشيخ/ أحمد الفودعي هو من أفضل مشايخنا، وسوف يقوم بالإجابة على تساؤلاتك، وإن شاء الله تعالى يفيدك بالرأي الشرعي الرصين.
ومن جانبي كمختص في الطب النفسي، وأقول لك بكل تواضع أنني قد فحصت آلاف الذين يعانون من الوساوس القهرية التي هي مثل حالتك؛ فقد مرت علي كثيرا، والذي يقوله المشايخ جزاهم الله خيرا، ونحن في الطب النفسي نرى أنه هو الرأي الصواب هو أن هذه الوساوس قهرية متسلطة مستحوذة، ملحة، ويعرف الإنسان سخفها ويحاول أن يصدها لكن ذلك يسبب له قلقا شديدا مما يجعله يقع في براثنها، ومن هذا المنطلق فإن هذا الشخص في هذه الحالة هو من أصحاب الأعذار، هذا يا أخي ما أود أن أقوله.
أكرر ما ذكرت لك: سوف يفيدك الشيخ أحمد -إن شاء الله تعالى- إفادة حاسمة في هذا الموضوع، هذا من ناحية.
من ناحية أخرى لماذا لا تعالج هذه الوساوس، هذا النوع من الوسواس يمكن علاجه، الوساوس القهرية الفكرية اللفظية تعالج علاجا ممتازا من خلال بعض الأدوية المعروفة جدا لدينا، بشرط أن يلتزم الإنسان بجرعتها، ومدتها، وقطعا بجانب العلاج الدوائي تحتاج أن تجاهد نفسك أن لا تحاور الوسواس، أن لا تناقش الوسواس، حقر الوسواس، وأن تصرف انتباهك عنه، هذه اساسيات، وفي ذات الوقت يجب أن تشغل نفسك بما هو مفيد تستثمر وقتك وتديره بالكيفية والصورة التي تجعل هذه الوساوس لا تأخذ شيئا من وقتك، الدواء مهم جدا، وما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، فتداووا عباد الله، علمه من علمه وجهله من جهله، ونحن نريدك أن تكون فيمن علمه من علمه، وليس الذين يجهلونه، والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، فأرجو أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي وتتابع وسوف تعالج علاجا ناجعا.
أعطيك أمثلة بسيطة جدا للعلاج الدوائي، عقار مثل البروزاك والذي يسمى فلوكستين تضاف إليه جرعة صغيرة من عقار رسبريادون سيأتي بنتائج رائعة جدا، وإن لم تتحسن يضاف إليه عقار سيرترالين، بمعنى آخر أن ننتقل لأدوية الخط الثاني، وإن لم تتحسن يضاف إليه عقار اريببرازول ويسحب عقار رسبريادون.
الحمد لله نحن نعيش الآن في وقت فيه أدوية فعالة نعم عظيمة فلا تضيع على نفسك الفرصة، لا تعش مع وقاحة هذا الوسواس، وسخف هذا الوسواس، ونزاعات هذا الوسواس، ارتقي بنفسك، وابدأ في تناول العلاج..
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.. وبالله التوفيق والسداد.
_____________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم - استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي - مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
______________________________________________
مرحبا بك -أخي الكريم- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله على أن يعينك على التخلص من هذه الوساوس وأن يصرفها عنك.
وهذه الوساوس علاجها كثرة الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وقراءة القرآن وخاصة المعوذتين، وقل هو الله أحد وآية الكرسي، وهذا كله قد لا ينفع إلا مع المجاهدة للإقلاع وصرف النفس عن التفكر في الوساوس ومجيباتها، وعدم التفاعل معها، فهجرة هذه الوساوس والانصراف عنها والاشتغال بغيرها هو الدواء النافع لها بإذن الله تعالى، فإذا فعلت ذلك تخلصت بإذن الله تعالى من هذه الوساوس وأرحت نفسك.
وطلاق الموسوس أو حلفه بطلاق إذا كان تحت دافع الوسوسة فإنه غير مؤاخذ به ولا يقع به الطلاق، وهذا من رحمة الله تعالى وتوسعته على عباده، وقد قاسه العلماء على طلاق الإنسان المكره، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:" لا طلاق في إغلاق"، ففي حالة الإكراه لا يؤاخذ الإنسان بما يقوله، والموسوس إذا نطق بكلمات الطلاق والحلف بالطلاق تحت تأثير الوسوسة فهو في الحقيقة مثل المكره وربما يكون اشد منه، فإذا اصرف عن نفسك هذه الوساوس ولا تتفكر فيما تمليه عليك، وجاهد نفسك على الامتناع من التفاعل معها، ومن ذلك عدم التلفظ بكلمات الطلاق، نسأل الله تعالى أن يمن عليك بالعافية والشفاء.