السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاما، ومشكلتي معقدة جدا، كما أنها مشكلة تعصب قبلي، فقد تقدم للزواج مني شاب على دين وخلق وشعرت له بالارتياح وتمنيته زوجا لي، لكن والدي رفضه ورفض مقابلته؛ بحجة أنه ليس من القبيلة، وقال لي: إما أن تتزوجي ابن عمك أو تظلي بدون زواج، أتدري لم يا سيدي؟ لأن أقاربنا سيعيرونه إن زوج ابنته من خارج القبيلة!
أريد أن أقول لك: إن عندنا في العائلة كثيرا من الفتيات تعدين الثلاثين بسبب تلك العادات، فإنك تجد الفتاة تصل إلى أفضل تعليم، وعند الزواج يرغمونها أن تتزوج بشخص يحددونه، وإما أن تعنس، ومن الممكن أن يكون العريس فاشلا أو غير متعلم أو مدمنا، ومن الممكن أن تكون رافضة له، لكن تضطر إلى القبول خوفا من العنوسة، وتتعود على زوجها كما ينصحنها من تزوجن قبلها بقولهن أن الزواج تعود.
على النقيض تماما فمن المسموح للفتى بالزواج والاختيار من خارج العائلة، وأريد أن أعرف ما هو الحكم إن تزوجت بدون رغبة والدي بمن أراه صالحا لي على الرغم من أنه يصغرني بعامين؟
كما أن ابن عمي مدخن وغير مهتم بدينه، كما أن تعليمه أقل ممن أريد، أرجو أن تهتم بالرد علي، وهل أرضى بالواقع وأتزوج ابن عمي وأنا رافضة له مع علمي أنه يحبني أم أتزوج من أرى فيه من الصفات التي أريدها؟ وهي العلم والدين والمستوى الاجتماعي المتقارب.
كما أنه يحبني أيضا، وأتزوجه بغير موافقة والدي لأني حاولت مناقشته في هذا الموضوع من قبل أنا وأخي وأمي لكنه لم يسمع لنا؟
كما أني صليت استخارة ووجدت أن أمامي خيارين واضحين لا مجال للحيرة فيهما: الأول الدين والخلق والسعادة الزوجية، والثاني إرضاء الأهل والتعاسة الزوجية.
أرجوكم أشيروا علي بالصواب ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Aya حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يجعل لك من لدنه وليا ونصيرا، وأن يرزقك زوجا صالحا يعينك على طاعة ربك ورضاه.
بخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومع الأسف الشديد ما زال يوجد بيننا من يجهل أحكام الإسلام وشرعه، ويحتكم إلى الأعراف والعادات والتقاليد البالية التي ما أنزل الله بها من سلطان.
رضا الفتاة شرط أساسي في صحة الزواج، وحق من حقوقها كفله الإسلام لها، ورغم أننا ندعي الحضارة والتقدم ونزعم أننا متحضرون إلا أنه ومع الأسف الشديد نجهل أبسط حقوق الإنسان، خاصة المرأة.
أعتقد أن والدك ضحية هذا الجهل المطبق، إذ أنه نشأ فوجد أن هذا الجور والظلم هو شرع هذه العائلة وقانونها الذي تحتكم إليه، ولم يجد في نفسه القدرة على التغير ومواجهة تيار الجهل والتخلف فخضع هو الآخر لهذا الجهل، ورفض أي نقاش حول هذا الموضوع؛ وذلك نظرا لضعفه، وعدم قناعته بصحة ما هو عليه، ولذلك رفض حتى مجرد مقابلة الشاب الذي تقدم إليك.
أبوك ضحية من ضحايا العادات والأعراف البالية، وأنا شخصيا ألتمس له العذر؛ لأنه نشأ في هذا الجو ويصعب عليه تغييره، وأتمنى أن تقدري ظروفه والتحديات التي تدفعه لهذا الموقف الجائر، مع تكرار المحاولة مرة بعد مرة، ولا مانع من الاستعانة ببعض ذوي التأثير والنفوذ، خاصة من أهل الديانة والصلاح لدى أسرتك لطرق هذا الباب الصلب الذي يصعب أن تنفذ من خلاله طلقات الرصاص أو المدافع.
حاولي وكرري المحاولة، واستعيني ببعض الأخيار لعلك توفقين في كسر هذا الحاجز، وناقشي والدك وحاوريه بهدوء أنت ووالدتك وإخوانك، وحركي فيه جانب العقل والشرع، لعل وعسى أن يستجيب لنداء العقل والفطرة، ويقدم شرع الله على تلك الأعراف البالية، فإن لم توفقي في ذلك فأرى ألا تخسري أهلك ووالدك، وألا تصغريه أمام الناس وتمرغي أنفه في التراب؛ لأنني أظن أنك لن تقبلي له هذا حتى ولو كان الثمن تضحيتك بسعادتك، فحاولي واجتهدي في الإقناع، فإن عجزت فاعلمي أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وأن حرصك على إكرام والدك وصلة رحمك ربما تكون سببا في سعادتك الدنيوية والأخروية، ولعل ابن عمك المرشح والذي يحبك تكون هدايته على يدك وسعادتك على يديه؛ نظرا لإكرامك لوالدك، وإلا فمن حقك رفضه، ولكن لا يجوز لك الزواج بدون إذن والدك.
والله الموفق.