السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
عمري 18 سنة، أنا طالب ثانوية عامة، أهلي لا يشجعونني، وأشعر أني منبوذ، ودائما على خلاف مع أمي، لكني أخاف وأرتعب من أخي الكبير لأنه كان يعنفني منذ الصغر.
حاليا أنا دائم الجدال مع أمي، فأصبح منذ عدة أيام كل همي إسكاتها، رغم علمي أنه من عقوق الوالدين، وأشعر أني مظلوم، واليوم أصابني ضعف وملل خوف، وإحساس أن لا أحد يحبني من أهلي، وصرت غير قادر على الدفاع عن نفسي، فهل هذا بسبب كثرة الجدال مع أمي؟
علما أني نادم على مجادلتها، هل هذه المشاعر طبيعية؟
علما أنها كانت تأتيني عندما أدخل في مشاكل، فهل هذه أعراض الاكتئاب؟ هل يجب أن أستشير طبيبا نفسيا؟ هل هي بسبب تكرار الروتين اليومي بسبب الجائحة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في موقعك أخي الكريم.
قطعا من المؤسف جدا أن تكون مجادلا مع والدتك وأن ترفع صوتك عليها، وتذكر قول الله تعالى: {ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما}، أنا لا أرى لك عذرا في هذا الموضوع، فأنت كامل الوعي والشعور والإدراك ومرتبط بالواقع، وتستطيع أن تميز بين الحق والباطل، فالأمر تحت إرادتك التامة، ويجب أن تراجع نفسك.
من الناحية النفسية التحليلية: أنت تقوم بإسقاط غضبك على والدتك، لأنها يظهر أنها فاضلة وممتازة وتعاملك بود واحترام، فعلى مستوى العقل الباطني أنت تقوم الآن بإسقاط غضبك عليها، وأنت تخاف من شقيقك الأكبر، ولأنك تخافه وتتجنبه فتسقط غضبك كله على والدتك، هذا من الناحية الدينامائية السيكولوجية النفسية، لكن في نهاية الأمر هذا الأمر تحت إرادتك، هذا الأمر يجب أن تصححه، هذا الأمر أمر غليظ جدا، وأنا أنصحك أن تتحدث مع إمام مسجدك أو أحد المشايخ حول هذا الأمر.
الأمر الآخر: يجب أن تعرف كيف تعالج الغضب والتوتر، الرسول -صلى الله عليه وسلم- نصحنا كثيرا في موضوع الغضب، والإنسان يمكن أن يغضب، لكن يغضب للحق، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يغضب حين تنتهك محارم الله، أنت الآن تغضب وتنفعل وتثير في أمر أصلا هو مرفوض وبغيض، إذا مراجعة النفس واجبة، وتصحيح المسار واجب.
حين تحس بأنك تريد أن تنفعل سلبيا مع والدتك – أو مع غيرها – غير مكانك، اذهب، لا تجلس معها أبدا، واستغفر، واستعذ بالله من الشيطان، وخذ نفسا عميقا، واتفل على شقك الأيسر ثلاث مرات، هذه طريقة ممتازة جدا.
وأيضا يجب أن تتعلم كيف تخاطب والدتك، كيف تناقش والدتك، حين تصبح في الصباح وتصلي الفجر قبل رأسها ويديها، اطلب سماحها؛ لأن الجنة تحت أقدام الأمهات، لا بد أن تصحح مسارك – أيها الفاضل الكريم – ولن تكسب خيري الدنيا والآخرة في حالة إغضاب والديك، كن على هذا النهج، وأنا متأكد أن مسارك -إن شاء الله تعالى- سوف يتصحح.
عليك بالصحبة الجيدة، وعليك الآن بالاجتهاد في دراستك، العلم والدين هما من أعظم القيم التي يجب أن يكتسبها الإنسان، ولا أحد يستطيع نزعها منك، أريدك أن تلجأ أيضا للزمالات والصداقات الطيبة مع الصالحين من الشباب، عليك أن تمارس الرياضة، عليك أن تحسن إدارة الوقت، اهتم بغذائك.
بهذه الكيفية تجعل لحياتك معنى: ما هي أهدافك في الحياة؟ والإنسان لا بد أن يكون نافعا لنفسه ولغيره.
كثير من الناس يضرون أنفسهم ويضرون غيرهم، قصدا أو بغير قصد، لا، لا أريدك أبدا أن تكون في قاع المجتمع، أريدك أن تكون صاحب همة وتكون مع الكبار، وهذا ممكن جدا، افتح لنفسك آفاقا جديدة، وأنا أرى فيك خيرا كثيرا، أسقط نفسك الأمارة بالسوء واجعل نفسك اللوامة تنتصر لتنقلك إلى النفس المطمئنة، وهذا ممكن من خلال تصحيح المسار.
لا بأس – أيها الفاضل الكريم – أن تقابل طبيبا نفسيا، وأعتقد أنك إذا تناولت أحد محسنات المزاج ومضادات القلق والتوتر والانفعال الداخلي؛ هذا أيضا سوف يساعدك وسوف يفيدك، لكن لا أرى أنك مصاب باكتئاب، الأمر مرتبط بشخصيتك في المقام الأول، وربما يكون لديك شيء من عدم القدرة على التكيف، ومن الواضح أن مساراتك في الحياة قد افتقدتها.
من خلال ما ذكرته لك -إن شاء الله تعالى- تصحح مسارك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في استشارات الشبكة الإسلامية.