السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو الإجابة على مشكلتي لأني مقبل على الامتحانات.
أفكر في كل شيء أكثر من المعقول، وتظل هكذا الأفكار تراودني طيلة الأيام حتى أثناء ممارسة الرياضة، أو الترفيه، أو النوم، لأن هذه الأفكار بعد مرور أشهر تزول، وأشعر باحتقارها وتفاهتها، ولماذا كنت كثير التفكير، وفي أول أيام رمضان بحثت في الإنترنت فتعرفت على مصطلح الوسواس القهري، فخفت أني مصاب به، وظللت في كل يوم أرى الأشخاص الذين يعانون منه، وأقارنهم بنفسي.
وكلما أريد أن أتخلص منه لا أستطيع، وأخاف أن تراودني الفكرة في اليوم الثاني، فعلا عندما أستيقظ تراودني فكرة الوسواس، وعلى أني مصاب به، وعندما تراودني أشعر بالخوف والقلق وكثرة التفكير، وأقارن نفسي بالآخرين.
أتمنى أن أكون مثل الآخرين، لا يفكرون في كل شيء، فظلت الفكرة تلازمني، وبحثت عن علاج الوسواس القهري، وسمعت بمصطلحات لأول مرة أسمعها أثناء العلاج، وهي نوبات الهلع والفزع واختلال الأنية، فخفت كثيرا، وفعلا بعد أيام أصابني خوف ورعب وأرق وتفكير مستمر بالوسواس، حتى أتتني فكرة الخوف من النوم.
أريد أن أعيش حياة طبيعية، وأرجع كما في السابق، فما هي مشكلتي؟ وكيف التخلص منها؟ وهل هناك علاج لهذا الحالة؟ وهل أنا فعلا مصاب بالوسواس القهري؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عباس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
الوسواس ظاهرة منتشرة جدا، وليس من الضروري أن يكون مرضيا أو يصل إلى مرحلة مرضية، فكل الناس يحتاجون لشيء من الوسوسة؛ لأن هذا يساعد الإنسان على الدقة والانضباط والالتزام، لكن إذا خرجت الأفكار الوسواسية عن النطاق المألوف وتضخمت وتجسدت وأصبحت ملحة واستحواذية؛ هنا تكون حالة مرضية.
في حالتك أنا لا أرى الأمر هكذا، أراها شيئا من الوسوسة البسيطة، مصحوبة ببعض الأعراض القلقية، ويظهر لي أصلا أنه لديك استعداد للقلق، والقلق أيضا طاقة نفسية مطلوبة، إذا كان بالمستوى المعقول، ليحفز الإنسان، ليحسن من الدافعية، وكثيرا من الذين نجحوا في حياتهم كان السبب والدافع لهم هو القلق.
أهم شيء أن تتجاهل هذه الأعراض، وأن تفكر عن نفسك إيجابيا، وأن تعبر عن نفسك، وأن لا تسكت على ما لا يرضيك؛ هذا ليس أمرا جيدا، التعبير أولا بأول عما في خواطرنا يفتح من محابس ومنافذ النفس ليجعلها تبتعد عن الاحتقان، خاصة المواضيع التي لا ترضي الإنسان يجب ألا يكتمها، بشرط أن يعبر الإنسان عن ذاته أو عما لا يرضيه بطريقة ذوقية ومقبولة للآخرين.
أن يكون الإنسان له وجود في مجتمعه ووسط أهله ومعارفه وأصدقائه، هذا يحفز الإنسان كثيرا، ويصرف الانتباه عن القلق وعن الوسوسة، تنظيم الوقت، ممارسة أي نوع من تمارين الاسترخاء، القراءة، الاطلاع، التفكير في المستقبل بجدية وبإيجابية، كل هذه أمور مطلوبة وجيدة جدا، ويجب أن تكون منهجا في حياتك.
الدعاء مهم جدا –أخي عباس– والذكر فيه خير كثير جدا للإنسان، خاصة أذكار ما بعد الصلوات، وأذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ وغيرها من الأذكار الموظفة في اليوم، هذه كلها تبعث على الطمأنينة، فاحرص على ذلك.
بالنسبة للعلاج الدوائي: أرى أنه سيفيدك دواء بسيط جدا، وسوف سيساعدك كثيرا، الدواء يسمى (فافرين) هذا اسمه التجاري، واسمه العلمي (فلوفكسمين) أنت تحتاج أن تتناوله بجرعة بسيطة، وهي أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا، تتناولها لمدة أسبوعين، ثم تجعل الجرعة مائة مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.
أرجو أن تطبق الإرشادات التي أوردناها لك، وكذلك تتناول الدواء بالجرعة وللمدة المطلوبة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.