السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة في الثانوية، اجتماعية ولي الكثير من الأصدقاء، لدي صديقة انطوائية وأنا صديقتها الوحيدة، وأعرف عائلتها، وبالرغم من أنني أحبها كثيرا إلا أنني أتضايق أحيانا من تصرفاتها، فهي تطلب مني التخلي عن أصدقائي أحيانا وتسبهم أحيانا، لأن مصاحبة غيرها خيانة لها، وتنزعج عندما أعتذر بأنني مشغولة، وتقول لي أنها تشعر بأنني أكرهها لهذا السبب وأتجاهلها، وتتطفل أحيانا على أمور لا أستطيع البوح بها، كأن تطلب مني أن أخبرها تفاصيل حياتي ويومي، والأماكن التي أذهب إليها، وماذا أفعل فيها، وبمن ألتقي، أو أمور عائلية، وتطلب مني أرقام أفراد عائلتي لتتواصل معهم، ولكنهم رفضوا، وأخبرتني أختي أن صديقتك هي صديقتك أنت ولا حاجة لي بمصاحبتها، وأمي تطلب مني التخلي عنها؛ لأنها تتصرف كإنسانة تغار مني، وقد رفضت التخلي عنها (صديقتي مريضة نفسيا).
رأيت في منامي أنني ذهبت معها للرقية، فأخبرتني الراقية أن صديقتي تحسدني، فصرت لا أدري ماذا أفعل؟ فأنا لا أريد التخلي عنها من جهة، ولا أستطيع تلبية طلباتها والحديث معها على الواتساب لمدة 9 ساعات يوميا، ولا التخلي عن علاقاتي بالآخرين، ولا أن أبقى أفسر وأعتذر عن كل شغل وأشرحه لها؛ لأن لي خصوصياتي أيضا.
أريد أن أعرف وجهة نظركم من ناحية شرعية إسلامية، ماذا يتوجب علي أن أفعل في مثل هذه الحالات؟
بارك الله فيكم، وأعتذر عن الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hind حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ونحيي اهتمامك بأمر هذه الصديقة، ونتمنى أن تؤسسي معها صداقة لله وفي الله وبالله وعلى مرضاة الله، فالصداقة التي يربحها أهلها هي التي تكون في الطاعة، وتقوم على التواصي بالحق والتواصي بالصبر، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكن في طاعته السعادة والآمال.
لا شك أن هذه الصديقة بحاجة إليك، والمؤمنة إذا استطاعت أن تنفع أختها فلتفعل، ولكن ليس لها الحق في منعك من مصادقة أخريات، بل شجعيها على (أيضا) اتخاذ صديقات صالحات، لأن هذا هو الطريق الصحيح، وأي فتاة تجعل – حتى ولو كانت سوية وليس عندها صداقات، ليس لها إلا صديقة واحدة – فإنها تتعب وتتعب، إذا تزوجت الصديقة، إذا ماتت الصديقة، إذا ذهبت الصديقة، ولذلك لا بد أن يكون لها عددا من الصديقات الصالحات، والحمد لله ما أكثر الصالحات.
وأرجو أن تأخذ الوقت الذي يناسبها، ولكننا لا نؤيد أن تدخل في خصوصياتك وأن تتوسع في حسابات الأخريات، ولا يصلح أن تتكلمي معها الساعات الطوال، لأن ذلك مصدر إزعاج لك وللعائلة أيضا، ومصدر تهديد لمستقبلك العلمي والحياة أيضا، ولذلك كل شيء لا بد أن يأخذ حجمه المناسب، وتلطفي معها، وأحسني لها الاعتذار، واصدقي في النصح لها، لكن لا تتخلي عن هذه الصديقة، فهي بحاجة لك، والأمر سيزداد سوءا في حالة تخليك الكامل عنها، فلتبق شعرة العلاقة، واجتهدي في حسن الاعتذار لها، وقدمي لها النصائح.
اطلبي منها أيضا أن تتواصل مع الموقع لتعرض ما عندها، حتى تنشغل أيضا بتصفح التوجيهات، وحتى تسمع هذا الكلام من المختصين والمختصات، لأنها هي بحاجة إلى نصيحة من إنسان مختص يدعوها إلى أن توسع دائرة الصديقات الصالحات، وأن تشغل نفسها بالمفيد، وحتى تجد توجيهات في الكيفية التي تحافظ بها على الصديقة، فإن الإسلوب في التتبع ومحاولة الدخول إلى خصوصيات، والغيرة من الصديقات، هذه كلها وسائل منفرة، تنفر عنها الأخريات، فهي بحاجة إلى أن تتخلى عن هذه الأساليب لمصلحة نفسها، ولكي تكسب صديقات أخريات، وهذا هو مستقبلها الفعلي في حياتها.
كذلك أيضا ينبغي أن تحافظي على خصوصياتك، وتجعلي لكل صديقة حدود، أنت تلتزمين بالحدود، فلا تدخلي في خصوصيات الأخريات، وتكلمي هذه الصديقة في ذلك، وتضعن قواعد للصداقة الصحيحة، متخذا من قواعد الشرع وآدابه الأساس لذلك.
كذلك أيضا أرجو تشجيع الأخريات على حسن التعامل مع هذه الصديقة ولو بطريقة غير مباشرة، لكن نكرر وصيتنا لك بعدم تركها، ولست مطالبة بتفسير الأمور المحرجة أو إخبارها عن كل خصوصياتك، وتلطفي في الإجابات، ولكن مع بيان أن هذه الأمور هي حدود ينبغي ألا نتدخل فيها بالنسبة لك أو بالنسبة لها.
فوجهة نظرنا من الناحية الشرعية أن تحافظي على شعرة العلاقة معها، أو على ما تستطيعين من مستوى العلاقة معها، وأيضا حاولي أن تحفظي حقك وحقوق الأسرة وحقوق الصديقات الأخريات، ونسأل الله أن يجعل الصداقة دائما في طاعة الله، والتواصي فيها على الحق والصبر عليه، ونسأل الله لنا ولكن التوفيق والسداد.