زوجي أقنعني بإعطاء طفلتي لعمه وندمت، ما الحل؟

0 31

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة منذ سنة 2016، وبعد فترة من الزواج حملت، ولكن فقدت الجنين بعد شهرين من الحمل، وبعد عدة محاولات للحمل رزقت، -والحمد لله- بطفل عمره الآن سنتين، ثم حملت بطفلة، ولكن بعد فترة شهرين على الإنجاب قرر زوجي من دون أخذ رأيي أن يهبها لعمه وزوجته الذي لم ينجب بعد زواجه لأكثر من 20 سنة، وضعني أمام الأمر الوقع، وبرضاي قمت وقدمتها بلا وعي، ولا تفكير بالرغم من الرفض بداخلي، ومع تحذير أهلي أني سوف أندم، رضخت للأمر؛ لأن زوجي كان جادا، فلم أستطع الرفض.

سؤالي: هل أنا أستحق لقب أم؟ هل ابنتي يوما سوف تسامحني؟ فأنا نادمة لأني لم أدافع عن بقاء ابنتي بجنبي وخائفة من أن تنكرني يوما ما ولا تتقبلني كأم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أختي الكريمة.
قرأت رسالتك، وآلمني ما قرأت، وليس من شك في أن ما تذكرينه معاناة بحق طفلة لا ذنب لها سوى أنها ولدت من أب وأم لا يعلمون شيئا عن حقوق الأبناء على الآباء.

ايتها الأم الفاضلة: إن من أهم ما يتمناه الإنسان العاقل في دنياه أن يرزقه الله ذرية طيبة صالحة، وقوله تعالى:" المال والبنون زينة الحياة الدنيا "، يؤكد لنا أن الأطفال نعمة، وقرة العيون، وفلذات الأكباد فكيف لنا أن نفرط بهم؟!

هل تعلمين يا أختي أن الرضاعة هي من حقوق الأبناء بعد الولادة، وقد أمر بذلك الله عز وجل، فقال: " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة"، وأن الأم لا تنال لقب الأمومة بالإنجاب فقط، وإنما الأم أم بالتربية والرعاية والاهتمام والتضحية.

هل تعلمين أن الطفل لا يفهم طباعه ويشعر به إلا أمه، فهو يتعرف على أمه من خلال رائحتها ويميزها عن أي رائحة، أي شخص آخر، إذ أجرى باحثون دراسة على مجموعة من الأطفال حديثي الولادة، ووضعوا كل واحد منهم بغرفة منفصلة، فوجدوا أن الطفل يهدأ عندما توضع بجواره قطعة من ثياب أمه، بينما لا يتوقف عن البكاء عندما توضع بجانبه قطعة من ثياب أم أخرى.

تابعي معي حديث رسولنا الأكرم عليه صلوات وسلام رب البرية حيث قال لنا:"إن لله مائة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام فبها يتعاطفون وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها"، فكيف يطاوع قلب أم على أن تفرط بطفلة لم يتجاوز عمرها الشهرين تحت ذريعة أن زوجها فرض عليها...إلخ.

إن أشد شيء على الأم أن يحال بينها وبين ولدها، فالناقة لا تعقل لكنها تبكي كالبشر وتحن إذا حيل بينها وبين فصيلها، فإذا ذبح أمامها ولهت عليه فهزلت ولربما ماتت من شدة وجدها عليه، فما بالنا بأم قدمت طفلتها بدون وعي ولا تفكير.

جوابي على أسئلتك :"هل أنا أستحق لقب أم؟ هل ابنتي يوما سوف تسامحني؟ فأنا نادمة لأني لم أدافع عن بقاء ابنتي بجانبي وخائفة من أن تنكرني يوما ما ولا تتقبلني كأم"،أظن أنني أجبتك.

كل ما عليك فعله الآن أن تتحدثي مع زوجك وتتفقي على طريقة استرداد ابنتكم، ويمكنكم الاستعانة برجل دين، أو بعض من أصحاب العقول الراجحة من العائلة أو الأقرباء، ولا يوجد حل وسط في مثل هذه الأمور، فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته.

اللهم يا من رددت يوسف لأبيه، وموسى لأمه رد كل غائب لأهله سالما إنك على كل شيء قدير، اللهم رده لأهله وأقر عين أمه يا رب العالمين.
++++++++
انتهت إجابة الدكتورة انتصار معروف استشاري اجتماعي وتطوير الذات، وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي المستشار الأسري والتربوي.
++++++++

مرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

قد أفادتك الأخت انتصار بما ينفعك في الجانب العاطفي، وموقف الأم مع ولدها، وما ينبغي أن تكون عليه الأم من الحرص على حضانة طفلها بنفسها.

أما من الناحية الشرعية: فإن كنت تقصدين بالهبة أنكم قدمتموها لعمها من أجل أن يتبناها وتصبح ابنة له وتنسب إليه فهذا حرام لا يجوز، فلا يجوز أن ينسب الطفل لغير والده، كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم}، والإسلام جاء بإسقاط وإبطال التبني الذي كان معروفا في الجاهلية، وبدأ بالقدوة لهذه الأمة؛ وهو محمد صلى الله عليه وسلم، ((فقد كان يتبنى زيد بن حارثة، وكان يقال له: زيد بن محمد))، فأبطل الله تعالى هذا التبني وقال: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين}.

إذا نسبة الإنسان إلى غير أبيه جريمة كبيرة، ويجب الرجوع عنها والتوبة إلى الله تعالى منها، هذا إذا كنت تقصدين بالهبة هذا النوع.

أما إذا كنت تقصدين مجرد الحضانة للطفل والقيام عليه، فهذا جائز من الناحية الشرعية، إذا تم برضا الوالدين، كما ذكر الله تعالى ذلك في سورة البقرة، ولكن ليس هو المفضل والمستحب بالنسبة للطفل، وبالنسبة للأم كذلك، فمن حقك أن تطالبي زوجك بأن تكون أنت الحاضنة لهذا الطفل، الحضانة من حقك، حتى في حال الفراق بين الزوجين، فإن الحضانة حق للأم.

بلا شك أن الحضانة إذا قمت بها أنت وربيت ابنتك بنفسك، بلا شك أن هذا سيكون له أثر كبير على ابنتك، ومعلوم أن البر شيء متبادل، فكما نطالب الأبناء ببر الآباء فكذلك على الآباء أن يبروا الأبناء ويحسنوا إليهم.

الشعور بفقد الحنو والعاطفة التي تتمتع بها الأم فقد كبير وخسران كبير، ولذلك يعاني اليتيم ما يعانيه من الآلام بسبب فقده لهذه العاطفة، وهذه الرحمة التي توجد في الوالد وفي الأم.

إذا أنت عليك أن تعيدي النظر في الأمر، وتتخاطبي مع زوجك بصراحة، وتستعيني على ذلك بكل من له تأثير على زوجك من الأقارب وغيرهم، وتعلميه بأن هذا حق لك، وأنه حق كذلك للطفل، وأن هذا النوع من التصرف لا يملكه الأب وحده، وليس من حقه أن يفعل ذلك بمفرده، ونظن أن ذلك سيكفي -إن شاء الله- لإرجاع الأمور إلى ما هي عليه.

نسأل الله تعالى أن يقدر لكم الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات