السؤال
السلام عليكم
لدي طفلان أعمارهما 4 و 5 سنوات، وأعيش في منزل عائلة زوجي، كل أسرة في شقة مستقلة، تعامل الجميع معنا جيد جدا، ولهم أطفال في سن مقارب لأولادي.
طبعا الأطفال يحبون اللعب مع بعضهم البعض، لكن يمارس الأطفال الآخرين التنمر على أطفالي بشكل شبه مستمر، كأخذ ألعابهم بالقوة، أو اختيار أحد أطفالي ليلعب معهم ورفض اللعب مع الثاني، أو اتخاذ أحدهم للسخرية عليه لأي سبب وهمي، والتهديد بعدم اللعب معهم مرة أخرى، أو عدم السماح لهم بالذهاب لمنازلهم.
دائما يقول لي ابني الأكبر الذي عمره خمس سنوات: أنا ضعيف، رغم أنني أحاول تشجيعه، وأن يشاركهم بألعابه دون السماح لأحد أن يتنمر عليه، لكنه دائما ضعيف الشخصية أمامهم، ويريد اللعب معهم، أو يثور بعصبية شديدة إن أحد منهم أخذ لعبته ولم يقدر أن يستردها.
الجميع يلاحظ ضعف شخصيته، سواء والده، أو الأطفال الآخرين أو حماتي، وأحاول التكلم معهم أنهم جميعا إخوة وأصحاب، ولكن سنهم الصغير جدا لا يستوعب هذا الكلام.
ما الحل الذي يجعل الأطفال يلعبون مع بعض دون تنمر بالكلام أو الفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دعاء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يقر أعيننا وأعينكم بصلاح الأبناء والبنات، وأن يلهمكم السداد والرشاد، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.
الأطفال نعمة من الله -تبارك وتعالى-، ونعم الله ينبغي أن تقابل بالشكر، وما يحدث بين الصغار من شجار أمر طبيعي، بل هو مفيد لهم، ولهم في ذلك دوافع وأسباب إذا كان الشجار في حدوده المعقولة، ومن الطبيعي أن يحصل بينهما الخصام على الأمور الصغيرة والأمور الكبيرة، ومن الحكمة والحنكة أن يكون الكبير يراقب فيشجع التعاون، ويشجع الحب بينهم، ويوزع الأدوار بينهم، هذا أمر من الأهمية بمكان، وإذا كنتم عائلة ولكل أسرة شقة وهم في أعمار متناسبة فحبذا من وجد ليتابع ألعابهم، لا أقول يتدخل في ألعابهم، ولكن نتابع هذه الألعاب، بل يشاركهم في اللعب، يوزع بينهم الأدوار، ويوزع بينهم الفرص، ينشر بينهم المحبة، يشعرهم بالأخوة.
أما مسألة التنمر فهي أيضا تحدث بين هؤلاء الصغار، وعلاجها ليس سهلا، لأننا لا نريد أن نقول للطفل (رد على من يتنمر إليك)، ولا يجوز أن نقول أيضا (سامح من يعتدي عليك)، فالمسألة تحتاج إلى أن ننتبه لأمور في غاية الأهمية.
وإذا كان الطفل المذكور صاحب الخمس سنوات، طفلك الأكبر- الجميع يلاحظ ضعفه، فأرجو أن تنتبهي -أنت وزوجك- إلى أمور: منها تجنب رفع الصوت عليه، تجنب إعطاء الصغير أكبر منه، دائما نحن أحيانا نتدخل في مصلحة الصغير، هذا يؤثر على شخصية الكبير.
حاولوا دائما أن تعلموه ألا يبادر بالاعتداء، وألا يأخذ أملاك الناس، ولكن أيضا لا يفرط في ممتلكاته بسهولة، وإنما ينبغي أن يأخذ ويعطي، ويقبل ويرفض، هذه هي الصورة الطبيعية.
ولا تحاولي أن تشجعي أيضا تنمر الآخرين عليه، يعني: أحيانا بعض الأمهات تقول (مساكين، أعطي هؤلاء الألعاب واتركهم يلعبون)، لا، هذا خاص بمراحل العمر، عمر خمس سنوات يتمركز حول نفسه، يحاول أن يحافظ على ألعابه.
أيضا ينبغي ألا نكسر عناده؛ لأن هذا يجعل شخصيته ضعيفة، نقبل العناد منه إذا كان في موضعه الصحيح.
أيضا من المهم جدا أن ننظر للجميع على أنهم أبناء، وقد أحسنت بمحاولة النصح لهم، وهذا ينبغي أن يكون من أطراف آخرين، يعني كل أم وكل أب -أنتم عائلة واحدة- ينبغي أن يشعر أن الجميع أبناء له.
نوصيكم كذلك بعدم التركيز على كلمة (ضعيف الشخصية)، (أنت دائما ضعيف)؛ لأن هذا يؤثر، بل نشجع بأن نقول (أنت قوي)، و(أنت تستطيع فعل كذا)، بل نعلمه بعض وسائل الدفاع، حتى لو كان يلعب مع الأب يعلمه كيف يدافع عن ممتلكاته وماذا يقول إذا حاول أحدهم أن يأخذ ممتلكاته، يعلمه كلمات يستطيع أن يحافظ بها على ما عنده من ممتلكات.
والأمر لن يطول وسيزول، لا تظهروا الانزعاج، واجتهدوا في تنمية الود والتعاون بينهم، وإذا كان هذا المعتدي الذي يأخذ الألعاب نكلمه ونقول له: "لن يعلبوا معك إذا فعلت كذا، وأي طفل لن يلعب معك"، ونشجعه إذا كان أكبر منهم؛ لأنه الأكبر وينبغي أن يعطف عليهم، ونشجعهم بأن يحترموه، ونبين له أننا نحب الذي يلعب مع الآخرين ويساعدهم.
ولا نقف مع الأمور الصغيرة، ما يحدث بين الصغار أيضا ما ينبغي أن ينزعج منه الكبار؛ لأنها سحابة صيف، الذي سيشاجر اليوم سيصير صديقا غدا، لذلك المهم هو إدارة هذا الشجار بطريقة هادئة وبطريقة حكيمة ودون انزعاج، وسيتغير هذا الوضع مع مضي السنوات، ونسأل الله أن ينشر الإلفة والمحبة بين الصغار وبين الكبار.
والله الموفق.