السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا على جهودكم في هذا الموقع، وجعلها الله في ميزان حسناتكم.
لدي موضوع غريب، لكن أتمنى أن أستطيع أن أوصله إليكم، بعض الأحيان عندما أرى بعض الفقراء، صراحة تأتيني أفكار بأنهم يمثلون، وأنهم كاذبون، وأكون مقتنعا بذلك، لكن بعد مدة قصيرة ما تتجاوز الخمس ثوان، أتذكر أن سوء الظن حرام، وأخاف أن يعذبني الله ويبتليني، فهل أنا مؤاخذ بهذه الأفكار إن اقتنعت بها، ثم تذكرت وتوقفت؟ للأسف حاولت التوبة أكثر من مرة، ولكن دائما أفشل؛ لأنني أنسى أن هذا الفعل ممكن بسببه يبتليني الله.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أخي الكريم في موقعنا، والموقع في خدمتك دائما، ونسأل الله أن يوفقنا الله وإياك إلى طاعته، والجواب على ما ذكرت:
لاشك أن اتهام الفقراء بأنهم كاذبون في تسولهم للناس بغير دليل ولا بينة أن هذا من سوء الظن بهم، وهو محرم شرعا لقوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم) قال السعدي: "نهى الله تعالى عن كثير من ظن السوء بالمؤمنين، فــ" إن بعض الظن إثم" وذلك، كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة، ...فإن بقاء ظن السوء بالقلب، لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك، بل لا يزال به، حتى يقول ما لا ينبغي، ويفعل ما لا ينبغي، وفي ذلك أيضا إساءة الظن بالمسلم، وبغضه، وعداوته المأمور بخلاف ذلك منه"، ومن الأسباب التي تدعو الإنسان إلى سوء الظن بالآخرين:
الجهل وسوء القصد والفهم، وهذا يزول بطلب العلم الشرعي ومراقبة الله تعالى.
اتباع الهوى، وتعميم الأحكام على الناس من غير دليل، وهذا من الظلم عليهم، وينبغي ترك التعميم في الأحكام على الناس، ولا يعين أحدا بعينه بأن ما يفعله خطأ من غير دليل، والذي يعمم الأحكام على الناس بغير دليل يحاسب على ذلك يوم القيامة، ولذلك لزم المسارعة إلى التوبة والاستغفار والدعاء لمن أسيء الظن بهم.
مصاحبة أهل الفسق والفجور والتقليد الأعمى للآخرين، وللخلاص من هذا أن نترك مجالسة هؤلاء الذين يسيؤون الظن بالآخرين، ولا نتبع ما هم عليه من الأخلاق السيئة.
- وأخيرا ما جاء من تصور اتهام للفقراء بأن دعواهم للفقر غير صحيحة، إنما هي خاطر شيطاني، ولكنك بمجرد ترك سوء الظن، وتذكرك بأن هذا حرام، فإنه لا إثم عليك، ولا حرج ولست مؤاخذا به -إن شاء الله-؛ لأنه مجرد حديث نفس عارض، ولا تحتاج إلى التوبة منه، لما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ". رواه البخاري.
ولكن يلزم عليك أن لا تعط هذا الخاطر أي تفكير أو عزم في الفعل، وأن تعامل الناس بحسب ظاهرهم، والله يتولى السرائر.
وفقك الله لمرضاته.