السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
انا شاب عمري 24 سنة، أدرس في كلية الطب البشري، منذ 3 سنوات ظهرت فجأة في عقلي أفكار وسواسية ذات طابع ديني، وكنت أبكي وحيدا على ما حدث لي، فقد تعذبت فترة -حرفيا-، فقد كنت لا أنام من كثرة الأفكار، ومدى تطرفها، ولكن الحمد لله وبفضله وكرمه وهب لي الله (القرآن) في تلك الفترة الروح والحياة والأمل، فأعدت قراءة القرآن كأني أقرؤه لأول مرة، ثم بعد حوالي سنة رزقني الله بكتاب يشرح المرض بالتفصيل، وكيفية علاجه، وقد تحسنت بفضل الله كثيرا بالعلاج المعرفي (قراءة الكتاب) والعلاج السلوكي من دون أية أدوية، حتى صارت الوساوس ضعيفة، ويمكنني أن اقول لنفسي توقف، فتتوقف، وحين أنشغل بشيء آخر لا تأتي الأفكار.
هي نعم في ذهني، ولكن أقل تأثيرا بكثير، وأنا أقل حساسية بكثير، والحمد لله، فهل أنا محتاج لدواء؟ وما هي الجرعة والمدة؟ أرجو التفصيل في هذا.
وجزاك الله خير الجزاء في الدنيا والآخرة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صلاح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونشكرك على ثقتك في هذا الموقع.
الوساوس القهرية ذات الطابع الديني كثيرة، وبفضل من الله تعالى في ذات الوقت أيضا تستجيب بصورة فعالة جدا، وأنت -الحمد لله تعالى- سلكت المسلك الصحيح في أنك بدأت التطبيقات السلوكية لكيفية التعامل مع هذه الوساوس، وقطعا من أهم طرق التعامل هو تحقير الفكرة وتجاهلها، وصرف الانتباه عنها والتنفير منها.
لابد أيضا أن يكون نمط الحياة نمط فعال جدا، يحسن الإنسان إدارة وقته ليتجنب الفراغ، لأن الفراغ الذهني أو الزمني يشكل مشكلة كبيرة جدا، قد تأتي بالأفكار الوسواسية. وممارسة الرياضة، والنوم الليلي المبكر، والتواصل الاجتماعي، وتخصيص وقتا جيدا للمذاكرة، وفترة الصباح فترة ممتازة جدا، لأن البكور فيه خير كثير، ويكون التركيز على درجة عالية.
أخي الفاضل: العلاج له أربع مكونات – كما تفضلت -: الجانب السلوكي المعرفي، والجانب الاجتماعي – وهو الذي تحدثت عنه – ويجب أيضا أن يشمل بعض التمارين الرياضية، والجانب الإسلامي، والحمد لله أنت أيضا ملم به تماما، بل ملتزم به، وهذا أمر ممتاز. وبعد ذلك يأتي المكون الدوائي.
أنا أفضل دائما أن يأخذ الإنسان بالمحاور الأربعة مع بعضها البعض، ومما لا شك فيه أن الوساوس القهرية تؤدي أو تنتج عن متغيرات في كيمياء الدماغ، هذه المتغيرات تشمل بعض الموصلات العصابية الدماغية، ومن أهمها مادة السيروتونين. وقطعا ما دام هنالك أثر بيولوجي كيميائي واضح فلابد أن يعدل أيضا من خلال تناول الدواء، والحمد لله تعالى لدينا الآن أدوية سليمة وفاعلة وممتازة، وفي حالتك – وحتى تكتمل الرزمة العلاجية – أفضل أن تتناول أحد الأدوية السليمة، وعقار (بروزاك) سيكون دواء جيدا بالنسبة لك، ومدة العلاج في حالتك هي ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة.
تبدأ بجرعة عشرين مليجراما (كبسولة واحدة) يوميا، تتناولها بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم تجعلها كبسولتين في اليوم – أي أربعين مليجراما – تتناولها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعل الجرعة كبسولة واحدة يوميا لمدة شهرين، ثم تجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء. هو من الأدوية السليمة والفاعلة جدا وغير الإدمانية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.