السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تنتابني تخيلات أني أنتقم من بعض الأشخاص الذين آذوني، ولكني لا أرغب بذلك، فأنا أتمنى أن أكون سليمة من أمراض القلوب والغيرة المبالغ فيها.
كما أني أشعر بضعف بالثقة بالنفس، وكأني تائهة، فكيف أشعر بذاتي وأقدرها، وأتقرب من الله؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا ومرحبا بك -ابنتي الحبيبة- فاطمة هداك الله.
ابنتي - هناك الكثير من الأسباب التي هي من أساس عملية تزعزع ثقة الفتاة بنفسها، إذ تصبح ذات شخصية هشة غير واثقة بنفسها، بقدراتها، وإمكانياتها، ومن هذه الأسباب:
الإحباطات والانفعالات التي تؤثرعليها بشكل سلبي كالفشل في الدراسة أو الانتقادات المستمرة اللاذعة من الوالدين، التوبيخ الحاد أمام من حولها، التعرض لموقف محرج أمام رفاقها الخلافات بين الأبوين المستمرة، ويجعل منها شخصية هزيلة ضعيفة، ويتسم شعورها بالقلق والارتباك وتبدل المزاج، والشعور بعدم الاستقرار والأمان، وعدم قدرتها على قيادة نفسها والآخرين، بالإضافة إلى دخولها في عالم الخيال، يبعدها عن حقيقة حياتها وهو ما يسمى بأحلام اليقظة التي قد تكون على شكل أفكار، وأنت ما زلت في عمر حساس وتمرين بكثير من التغيرات النفسية والجسدية والانفعالية التي قد تؤثر سلبيا أو إيجابيا على طريقة تفكيرك.
وبالرغم من أن الغيرة جزء من طبيعة البشر، فمن الطبيعي أن نشعر بها من حين لآخر، لكن إذا بدأت الغيرة تثير لدينا مشاعر الحسد والأذى فهذا دليل ومؤشر أننا افتقدنا الشعور بالأمان الداخلي.
أقول لك: كرري في نفسك دائما العبارات الإيجابية التي قد ترفع من معنوياتك، كأن تقولي في نفسك:
أنا فتاة جميلة وشخصيتي قوية؛ فبتكرار هذه العبارات الإيجابية تستطيعين أن تنهضي بشخصيتك وبقواك طبعا بعد الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، وبعد مواظبتك على الصلاة وقراءة القرآن وذلك كتعزيز لإيمانك.
*تجنبي استرجاع الكبوات وحالات الفشل والمواقف السيئة التي مررت بها، ولا تضعيها في أولويات تفكيرك؛ لما لها من تأثير نفسي سلبي.
*كما أنه من المهم جدا أن لا تعطي لنفسك حيزا لعمل المقارنات المحبطة بين ذاتك وبين غيرك من الزميلات، وتذكري أن المولى قد وهبك كثيرا من المزايا الرائعة، فقط ابحثي عنها وعندها ستجدين أنها فعلا كثيرة، كما أنه عليك أن تدركي أننا كبشر كل منا لديه ما يميزنا عن غيرنا وأنه لا يوجد منا إنسان كامل أبدا.
*اعتمدي على نفسك في فعل كل الأمور التي تخصك داخل منزلك وخارجه، لا تخافي من الفشل والإحراج أمام الآخرين؛ فكل من حولك معرض للفشل، وأذكرك لا يوجد أحد في الحياة وصل إلى ما وصل إليه دون أن يخطئ ويفشل، بالعكس فالفشل دروس ومحطات تعليمية.
*ابتعدي عن الاشخاص السلبيين المنتقدين نقدا سلبيا، واختاري من الأصدقاء من يقوي من شخصيتك وثقتك بنفسك أمام الآخرين.
* انضمي لدورات التنمية البشرية التي تعنى بالتنمية الذاتية وبتطوير الشخصية.
وأقول لك: اجلسي مع نفسك وصارحيها بأنك بإذن الله سيكون لديك القدرة على التغيير، ولديك النية على ذلك، توقفي كل التوقف عن كل تفكير قد يقلل من قيمة نفسك وتذكري أنك إنسانة مكرمة من الله سبحانه وتعالى، وأن المولى خلقك لهدف في هذه الحياة عليك أن تؤديه.
* واعلمي أن محبتك لله أولا ثم لنفسك ثم الآخر سوف تجعل منك فتاة جديدة وقوية، مقبلة على الحياة بروح الثقة بالله، وليكن هذا شعارك في الحياة؛ وهذا سوف ينعكس إيجابيا على طريقة تفكيرك.
* انخرطي في الأعمال التطوعية وممارسة العمل الجماعي والرياضة الجماعية: كأن تسجلي في دورات لحفظ القرآن، وتجنبي الفراغ قدر الإمكان؛ لأن الفراغ هي البيئة الخصبة لتلك التخيلات والأفكار السلبية التي تراودك.
* وثقي علاقتك بالله عز وجل، وأكثري من السجود والدعاء، فقد جاء في حديث نبي الأمة صلى الله عليه وسلم:" أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد".
*حافظي على الصلاة، وأكثري من التقرب إلى الله من خلال الالتزام بشرعه من حجاب وصوم وزكاة وما شابه، ولا تنسي أن التوفيق من بر الوالدين ورضاهما، فأحسني من معاملتك معهما، ومع إخوانك وأخواتك.
* وتأكدي بنيتي بعد أن تستعيدي ثقتك بالله أولا ثم بنفسك سوف تتخلصين من أمراض القلوب، وتتلاشى بإذن الله تعالى، وهذا ما تعانين منه حيث ذكرت في أول رسالتك.
وأخيرا :
العلم ثم العلم غاليتي فاطمة ، فلا تحرمي نفسك من هذه النعمة التي أصبحت حاجة ضرورية تنير لنا دربنا، وتحمينا من الوقوع في الأخطاء الشرعية، وتعلمنا كيفية المحافظة على العلاقات الاجتماعية، والأهم أن نفقه أنفسنا لنكون واثقين وأقوياء ومعافين من الأمراض النفسية والجسدية، حتى نكون عنصرا فعالا في المجتمع الإسلامي، ولدينا الوعي الكافي لبناء أسرة مسلمة سليمة.
وفقك الله لما يحب ويرضى، ونور دربك بالمحبة والعطاء والخير، ولا تنسي أن تطمئنينا عنك بنيتي فاطمة.