السؤال
أنا أعمل في شركة منذ 7 سنين، ومنذ ثمانية أشهر تم تعييني مساعدا لصاحب الشركة، وأنا قد عاهدته أن لا أتخلى عن العمل، ولكن منذ 4 أشهر، والحمد لله التزمت بالصلاة، وابتعدت عن المعاصي والكبائر، والشركة التي أعمل بها يوجد بها اختلاط وأغاني، وفتيات يجاهرن بالمعاصي، وبعضهن تأتي بزينتها، وأنا بدأت أتضايق من هذه الأشكال، وأنا أغض بصري، ولكن عندما يجب أن أتحدث مع إحدى الفتيات من أجل العمل لا أستطيع أن أنظر في الأرض وأتكلم، وأخشى أن أضعف أمام نفسي يوما ما، أريد أن أترك العمل ولكن أبي وأخي بنفس الشركة، وإذا تركت العمل يمكن أن يؤدي إلى مشاكل بين أبي وصاحب الشركة، ولا أدري ماذا أفعل؟ بماذا تنصحوني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – أيها الولد الحبيب – في استشارات إسلام ويب.
نهنئك أولا بما وفقك الله سبحانه وتعالى إليه من التزامك بالصلاة، وابتعادك عن المعاصي، وتوبتك عما كنت تفعل من تهاون بالصلاة ونحو ذلك، وهذا من رحمة الله تعالى بك، وحبه لك، ونسأل الله تعالى أن يمن عليك بالاستقامة والثبات على ما أنت عليه من الخير.
هذه الاستقامة – أيها الحبيب – لها أسبابها، من جملة هذه الأسباب: البيئة الحاضنة التي تعينك على الطاعة وتساعدك على تجنب المعصية، وهذا الزمان الذي نحن فيه – كما هو معلوم للجميع – أكثر البيئات لا تساعد على ذلك، ولهذا يحتاج الإنسان المسلم إلى صبر كثير، والصبر على طاعة الله تعالى أشرف أنواع الصبر، كصبر يوسف عليه السلام حين عف وفضل دخول السجن قائلا لربه في دعائه: {وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين * فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم}، وقائلا قبل ذلك حين عرضت امرأة العزيز نفسها عليه: {معاذ الله} أي: ألجأ إلى الله وأعوذ بالله من أن أقع في هذا الفعل.
هذا النوع من الصبر – أيها الحبيب – أجره عظيم، ومكانة صاحبه عند الله تعالى كبيرة، لشدة ما يلاقيه صاحبه من مغالبة الشهوة ومقاومة البيئة المشجعة على المعصية من حوله، وهذا قريب مما أنت فيه، نسأل الله تعالى أن يجعل لك فرجا ومخرجا، وأن يثبتك على الحق.
العمل في هذه الشركة خاضع للضرورة والمصلحة، فإذا كنت تجد عملا آخر غيره يكفيك، وتكون بعيدا فيه عن الوقوع في المعاصي؛ فهذا يتعين عليك، ولا يلزمك أن تطيع والدك إذا أمرك بالبقاء في هذه الشركة، إذا كنت تخشى على نفسك الوقوع في الحرام، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ووالدك إذا اتقى الله سيجعل الله له فرجا ومخرجا.
أما إذا كنت تقدر على البقاء مع تجنب الحرام، فيجوز لك أن تبقى وتعمل في هذه الشركة، ولا تستح من إظهار تعاليم دينك، فإن الحياء من الله سبحانه وتعالى أولى، فهو أحق أن يستحيا منه، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
سيتعود عليك الناس إذا أظهرت لهم التزامك بدينك وعدم تهاونك بتعاليم شريعتك، وقد يكون ذلك مدعاة لاحترامك وسببا لهداية غيرك.
أنت أعلم إذا بأحوالك الخاصة في هذا الموقع وهذا المكان.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يجعل لك فرجا ومخرجا، وكن على ثقة – أيها الحبيب – أنك إذا اتقيت الله فإنه كافيك، فتوكل عليه سبحانه وتعالى، وقف عند حدوده، والتزم تعاليمه؛ تنجو إن شاء الله تعالى في دنياك وفي آخرتك.
وفقك الله لكل خير.