السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا أصلي وأصوم وأقوم الليل وأتهجد في الثلث الأخير، أتصدق وألح بالدعاء، وأذكر الله كثيرا، رزقني الله نعما كثيرة، فدرست وتخرجت من الجامعة، وحصلت على عدة شهادات، وسافرت، وتزوجت ورزقت بطفلة، واشتريت منزلا، وكنت ومازلت أساعد أهلي بالمصروف.
ولكن سبحان الله الجانب المهني سيء جدا، فكلما أتوظف في عمل معين، أفشل وأترك العمل وأتنقل بين شركة وأخرى، أمنيتي أن أستقر في عملي وأنجح فيه، وأتطور وأتقدم في حياتي المهنية.
الوضع تعقد أكثر، فلقد استقلت من الشركة (س)؛ لأنه ليس لدي عمل كثير أقوم به وليس هناك أي تطور في المستقبل، وتوظفت في شركة أخرى عملت فيها 4 أيام فقط وتركتها؛ لأنني خفت من الفشل، فكانت صدمة وأثر ذلك على نفسيتي وعلى ثقتي بنفسي.
طلبت من المدير السابق أن أرجع إلى الشركة (س) فقبل وعدت، مما زاد من الوضع تعقيدا أنني غير سعيد في الشركة (س) لنفس السبب، وأرغب بالعمل في شركة أخرى، ولكنني خائف من صدمة أخرى.
انصحوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – أيها الأخ الفاضل – في موقعك، وهنيئا لك بصلاتك وحرصك ودعائك وذكرك لله تبارك وتعالى، وهنيئا لك بمعرفتك نعم الله عليك، وندعوك إلى المزيد من الشكر، فإننا بشكرنا لربنا ننال المزيد، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والثبات.
أعجبنا جدا هذا الثناء والاعتراف بنعم الله تبارك وتعالى عليك، وأيضا سعدنا بهذه القدرات والنعم التي أنزلها الله تبارك وتعالى وأنعم بها عليك، وهو سبحانه يعطينا من غير سابق استحقاق، فهو الكريم الوهاب سبحانه وتعالى، التي نعمه الظاهرة والباطنة علينا لا تحصى ولا تعد.
نحن لا ننصح بترك العمل في الشركة حتى تجد وتتأكد من وجود ما هو أحسن، بل نوصيك بأن تثبت على العمل الذي وجدت فيه الرزق، وكون هذا المدير قبلك بعد أن عدت إليه؛ هذا أيضا مؤشر إيجابي ودليل على أنك مقبول عندهم، وهذه نعمة من نعم الله تبارك وتعالى.
والإنسان ينبغي أن يطور نفسه حتى لو كان خارج العمل، فيمكن أن يطور نفسه في الاتجاه الآخر بعد ساعات العمل، يطور معارفه، وبعد ذلك إذا طور معارفه فيمكن أن يتقدم حتى في داخل الشركة التي يعمل فيها، وذلك بأن يثبت وجوده، أو يقدم أفكارا أو مشاريع جديدة لمرؤوسيه وللأخوة الذين معه.
وأرجو أن تعلم أن كثرة الانتقال من شركة إلى شركة ومن عمل إلى عمل؛ هذا أيضا مما يزعج الإنسان، ومما يفقده أيضا التقييم الفعلي لقدراته وتقييم الآخرين له، ولذلك ننصحك بأن تثبت الشركة التي رجعت إليها، وأيضا لا تستعجل الخروج إلى شركة أخرى، وإنما احرص على أن تطور نفسك، ولا مانع من أن تأخذ أفكار عن بقية الشركات ثم تتعرف على ما عندهم، أو في الشركة التي تعمل بها تحاول أن تنتقل إلى موقع آخر من العمل بعد أن تتهيأ وتؤهل نفسك للوظيفة الجديدة أو للصعود في سلم الوظائف، وطبعا هذا مبني على أشياء يستطيع أن يصل إليها الإنسان.
أكرر: من رزق بعمل فعليه أن يلزمه وألا يستعجل الانتقال منه، فإن الله يفتح أسباب الرزق، وإلا فالأرزاق كتبت ونحن في بطون أمهاتنا، وقد رفعت الأقلام وجفت الصحف.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأرجو ألا تتأثر لمثل هذه الأمور، وتذكر أن الله وهبك نعم كثيرة – كما أشرت – ثم الذي وصل إلى هذه الرتبة دليل على أنه قادر على النجاح بحول الله وقوته، بل يستطيع تجاوز الصعاب مستعينا بالله متوكلا عليه.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوسع لك في الرزق الحلال، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا جميعا على تطوير أنفسنا واكتشاف المواهب التي وهبنا لنا ربنا الوهاب، ثم نسأله أن يعيننا على أن يجعلها في نفع البلاد والعباد، وأن تكون حجة لنا لا حجة علنا، ونكرر لك الشكر، ومرحبا بك.