هل أرفض من تقدم لخطبتي رغم أنه على خلق ودين؟

0 26

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر 32 سنة، تقدم لي شاب بعد إلحاح من الله -عز وجل- بالدعاء، لكنني رفضته بعد أن صليت صلاة الاستخارة مرات عديدة، إلا أنني أشعر بتأنيب الضمير، وأخاف أن يغضب الله تعالى مني لأنني أرفضه، وأكون مثل المتكبرة على الرزق.

لكنني لست كذلك، فهل أوافق بالرغم من أنه رجل على قدر من الأخلاق والدين، إلا أنه يدخن، أخاف أن أحرم من نعم الله بسبب رفضي له.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سمية حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:

لقد أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في حال اختيار المرأة شريك حياتها أن تتخير صاحب الدين والخلق فقال -عليه الصلاة والسلام-: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبدا وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة، وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها سرحها بإحسان.

لقد أحسنت في كثرة التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى، فإن الأمور كلها بيد الله سبحانه، وهو مصرف هذا الكون ومدبره وإذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون.

من المهم جدا ألا يقدم الإنسان على أي أمر ذي بال كالزواج إلا بعد أن يصلي صلاة الاستخارة، فإن العبد إن وكل أمر لله ليختار له ما يشاء فلن يخيب الله ظنه؛ لأن العبد يصلي ركعتين ويدعو بالدعاء المأثور الوارد دبر الصلاة.

الكمال في الرجال عزيز وهو في النساء أكثر عزة، والمطلوب المقاربة وبعض الخصال غير السوية يمكن معالجتها برفق ولين، فكم من شاب كان يدخن، وكانت زوجته حكيمة وذكية وصاحبة أسلوب حسن استطاعت أن تقنع زوجها بترك التدخين إلى غير رجعة.

الإقلاع عن العادات السيئة التي يستحيل أن يعود إليها الإنسان -إلا أن يشاء الله- هو الذي ينبع من إرادة النفس في التخلص منها لا أن يكون ناتجا عن ضغوطات خارجية؛ لأنه وإن لم يفعلها أمام من ضغط عليه فإنه إن ابتعد عنه مارسها.

لمعرفة نتيجة صلاة الاستخارة كما يذكر بعض أهل العلم ألا يلتفت الإنسان إلى ما في نفسه؛ لأن النفس قد تنفر بسبب صفة معينة لا يرغب فيها الشخص المستخير وقد يكون رسم في مخيلته صفات معينة فإن لم يجدها انقبضت نفسه، ولكن الأفضل هو البدء في الإجراءات فإن سارت الأمور بيسر وسهولة بحيث ينفذ المتقدم كل ما يطلب منه، فذلك دليل أن الله اختاره ليكون زوجا وإن تعسرت الأمور وأغلقت الأبواب، فذلك يدل على أن الله صرفه عنك ولك أن تضعي شروطك التي تريدينها.

من العقل أن المرأة كلما تقدم بها العمر ألا تتشدد في صفات شريك الحياة وأن تكتفي بالحد الممكن؛ لأنها لو بقيت متشددة في الصفات فلن يأتيها أحد ومن المعلوم أن الصفات البشرية منها ما هو جبلي ومنها ما هو مكتسب، وبإمكان المرأة من خلال حسن تعاملها مع زوجها أن تغير الصفات التي تريد تغييرها فيه، وهذا أمر ممكن ويرجع إلى حكمة المرأة وحسن تعاملها مع زوجها.

إن سارت الأمور في حال الخطبة بيسر وسهولة حتى وإن كانت هنالك صفة لا يحبها الشخص، فإن الله قد يجعل العاقبة خير للعبد كونه استخار الله تعالى فالله تعالى يقول: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم)، ويقول: (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا).

إن كان بالإمكان استدراك الموافقة على هذا الرجل فافعلي، ولو عن طريق واسطة بحيث لا تجرح مشاعرك وإن كان غير ممكن فكوني على يقين أن رزقك سيأتيك -إن شاء الله- وعليك أن تقومي بهذه الموجهات في المرة القادمة.

اجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح فإن ذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة يقول تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

أكثري من التضرع بين يدي الله تعالى بالدعاء أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة.

كوني على يقين أن الزواج رزق من الله تعالى يسير وفق قضاء الله وقدره ولا يتخلف، فمتى جاء الوقت الذي قدره الله لزواجك فسيأتي الله بالشخص الذي قدره لك وعليك أن تعملي بالأسباب، ولا تغالي في الصفات والمواصفات فإن الكمال عزيز -كما ذكرت لك-.

الزواج لا يأتي بشدة الحرص ولا يفوت بالترك فكوني مطمئنة وواثقة بالله ومحسنة الظن به.

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى أن ييسر أمورك، وأن يرزقك الزوج الصالح ويسعدك إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات