السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
قبل خمس سنوات وقعت في حب إحدى بنات عائلتي وصارحتها بذلك، وطلبت منها أن أتقدم لأهلها وأخطبها فعارضت وتحججت بدراستها، ولكن لم ترفض بل أعطتني الأمل في المستقبل، بعد أربع سنوات اعترفت بحبها لي وبأن ما كان يمنعها من الزواج هو أنها كانت تحب شخصا آخر، وافترقا لأنه طلب منها الحرام قبل الزواج، وأعطت لنفسها الوقت لتنساه وتستطيع البداية معي من جديد، تقبلت ذلك برغم أنه حز في نفسي أنها لم تخبرني من البداية.
مشكلتنا الآن هي أني كلما قررت أن أفاتح أهلي وأهلها لخطبتها اكتشف أنها تغازل الشباب في الفيسبوك، رغم أنها تعرف أني أمقت ذلك وأرفضه، وعندما ضغطت عليها أقسمت أنها لن تعيد الكرة، فأزالت كل أصدقائها الذكور من حسابها في الفيسبوك .
بعدها بشهرين فاتحت أهلي في الموضوع لنتفق على خطبتها بعد انتهاء أزمة كورونا، أخبرتها بذلك وبدأنا في التخطيط لحياتنا معا ونحلم بغد أفضل لتأتي الصدمة بعد ذلك، اكتشفت أنها فتحت حسابا جديدا على الفايسبوك كل أصدقائها فيه رجال منهم من هو من قدماء الحساب الذي أعرفه ومنهم من هم جدد، كانت قد أوهمت اثنين منهم بالزواج إذا تقدما لخطبتها، وقد أعطتهما رقم هاتفها، عندما قرأت محادثاتها كاد يغمى علي.
واجهتها بذلك، فدخلت في نوبة من البكاء الهستيري، وبدأت بالاعتذار وشتم نفسها وأنها لا تعرف لماذا تفعل هذا، أخبرتها أني لا أستطيع أن أعيش مع امرأة كاذبة، وأني لم أعد أثق بها وسأتركها، قالت أنها لا تستطيع العيش بدوني وستقدم على الانتحار، وقد حاولت فعلا، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابننا الفاضل – في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال قبل اتخاذ القرار، ونسأل الله أن يكتب لك السعادة والاستقرار، وأن يهيء لك الحلال، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
لا شك أن الأمر مزعج، ولكنك بدأت الاستشارة بأن الفتاة من عائلتك، والإنسان دائما حريص على أن يصون عرضه، وإذا كنت ترى أن توبتها صادقة وأنها ستترك هذا الأمر فنرى أن تعطها فرصة، وتتقي الله تبارك وتعالى فيها، وتسعى في إصلاحها، فإن عرضها من عرضك، وأنت متأكد أنك تميل إليها وهي تميل إليك. ما حصل منها ليس له ما يبرره، ولكن الأمر متروك لك، والأمر أنت صاحب القرار فيه، فالفتاة تقول أنها تابت عن هذه الأمور واعتذرت منها، وأنت تشعر بصدق اعتذارها؛ لدرجة أنها تحاول أن تنتحر.
ورغم أن الشرع يرفض هذا الانتحار وعلى نفسها جنت براقش؛ فلست مسؤولا عن هذا الذي حدث، لكن إذا كان هناك مجال في إصلاحها فنحن نرى أن هذا الباب هو الأصلح، وهو الأحسن، والرجل يستطيع أن يتحكم في زوجته، وإذا تزوجتها تستطيع أن تشترط هاتفا معينا برقم سري معين، تراقب تصرفاتها، وتبين لها هذا بمنتهى الوضوح، لأن هذه الأمور لا تقبل المجاملة.
بعد أن تصبح في عصمتك سيكون الأمر إليك، أنت القيم عليها، وهي التي ينبغي أن تستقيم أولا على شرع الله تبارك وتعالى، والشرع يأمرها أن تكون في طاعة زوجها، فإن رضيت حياة بضوابطها وقواعدها الشرعية، وأن تكون تحت المراقبة، وأن يكون تواصلها محصورا على الزوج وعلى أخواتها وزميلاتها من معاشر النساء، بل مع الصالحات من النساء، فإذا رضيت بذلك فنرى أن تكمل معها هذا المشوار، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
هذا ما نراه في هذه المسألة، والأمر في النهاية لك والقرار لك، ومن حقك أن تستخير وتستشير، وحق كل طرف أن يسأل ويزيد في السؤال، حتى يتيقن صلاحية الوضع بالنسبة له، فهذا حق متروك للطرفين، فإذا كانت مسألة الخطبة، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في الكلام، لكن الهدف منها أنها تتيح المزيد من التعارف والمزيد من السؤال، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير وفي الخير.
أكرر: أنت صاحب القرار، إلا أننا نرى الميل إلى الستر عليها لكونها من العائلة، ولكونها أيضا أظهرت ما يدل على ارتباطها الشديد بك ورغبتها الأكيدة في أن تكون معك، ونسأل الله أن يعينك على إصلاح نفسك وإصلاحها، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.