السؤال
السلام عليكم
أشكركم على كل ما تقدمونه.
سأحاول أن أشرح لكم حالتي رغم أنني وصلت إلى مرحلة ضياع تام، لم أعد أستطيع أن أعرف وأحدد ما بي وبماذا أشعر!
بدأ الأمر بألم في الصدر منذ نحو سنة، ولكنه شديد، ورغم ذهابي إلى كثير من الأطباء لم تتحسن حالتي، وأخيرا أجريت أشعة على الجزء الفوقي، وكانت النتائج سليمة.
بدأت أشعر من وقت لآخر بآلام في الرأس، وأصبحت أخاف أن يكون مرضا خطيرا، ثم من وقت إلى آخر أصبحت أحس بشعور غريب كأنني سأموت وتخرج روحي، وكثرت هذه النوبات وذهبت إلى طبيبة قالت لي: هذه أكيد نوبات هلع وقلق، وكل ما بي نفسي.
بدأت رحلة العذاب: أصبحت دائما أخاف أن أموت في كل لحظة، ولا أنام إلا بصعوبة، وأحس في فترات كثيرة من اليوم كأنني لست موجودا، وهل أنا حي أو ميت؟ ومن أنا؟ ولا أحس بشيء.
بعد أسابيع من هذه الحال أصبحت كل يوم منذ أن أستيقظ أشعر بآلام فظيعة في الرأس، ومن فترة إلى أخرى يأتيني شعور بأنني لست حيا، وأشعر بضياع تام، وأسأل نفسي من أنا، وما هي الحياة، وأين أنا؟!
انقطعت عن العمل لمدة شهرين (توافق ذلك لحسن الحظ مع حظر التجول) وحاولت مؤخرا أن أعود للعمل، ذهبت كثير من الأعراض، لكن كل يوم أصبحت ابتداء من منتصف النهار أحس كأن ذهني فارغ، وشرود تام وشعور لا يوصف من الضياع.
لا أعلم من أنا؟ وماذا أعمل؟ وأستغرب من كل شيء! وكأنني سأنسى كل شيء، وأكمل يوم العمل بصعوبة شديدة، وفي الليل من كثرة هذا الشعور تأتيني آلام في الرأس، ولم أعد أستطيع المواصلة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
أنت عرضت حالتك بصورة واضحة وجلية، -وإن شاء الله تعالى- نقدم لك الإرشاد اللازم الذي نسأل الله تعالى أن ينفعك به.
من الواضح أن أعراضك هذه أعراض (نفسوجسدية)، كل ما عانيت منه من أعراض من آلام هنا وهناك -خاصة آلام الصدر وآلام الرأس وب-عد ذلك شعورك بالحيرة، وعدم التأكد من الذات: هذه كلها أعراض ناتجة من القلق النفسي الداخلي، قد تكون نوبة هرع، أو فزع، أو مجرد قلق وتحول إلى قلق مخاوف، ويعرف تماما أن التوترات النفسية كثيرا ما تنعكس على جسد الإنسان لتتحول إلى توترات عضلية، وهذه إما أن تظهر في شكل آلام أو في شكل وخزات أو عدم ارتياح أو ضيق، وكل هذا يتبعه أعراض نفسية؛ لأنك أصبحت في حيرة.
الأطباء يقولون إنك سليم، وفي ذات الوقت أنت تشتكي وتتألم، هذا قطعا يؤدي إلى عدم قدرة على التوافق مع النفس، يؤدي إلى شعور بالألم النفسي، يؤدي إلى شعور بالاكتئاب، وهذا هو الذي حدث لك.
أنا أطمئنك تماما أن هذه الحالة حالة نفسية، نسميها (الحالة نفسوجسدية)، وهي ليست مرضا شديدا أو صعبا أو خطيرا أو معيقا، حتى وإن كانت مزعجة بالنسبة لك.
الذي أرجوه منك أولا: لا تتردد على الأطباء كثيرا، هذا أنصحك به تماما، اذهب لطبيب تثق فيه -كطبيب الأسرة مثلا- مرة كل أربعة أشهر من أجل إجراء الفحوصات العامة.
ثانيا: يجب أن تعيش حياة صحية، وهذا يتطلب منك أن تنام بالليل مبكرا، وتتجنب النوم النهاري، تمارس الرياضة باستمرار، يجب أن يكون غذائك غذاء مرتبا وصحيا، أن تمارس بعض التماري الاسترخائية، أن تحرص في العبادات -خاصة الصلاة في وقتها- وأن تكون جزء فعالا في أسرتك، وبارا بوالديك، أن تحسن التواصل الاجتماعي، أن تجتهد في عملك وتحب عملك وتطور نفسك، وتسعى دائما أن تكون نافعا لنفسك ولغيرك.
هذه الأمور هي الأسس العلاجية، لا تتبع الفكر السلبي أبدا، الله تعالى حباك بطاقات عظيمة يجب أن تستفيد منها، وبعد أن أكدنا لك أنك لست مصابا بحالة عضوية يجب أن يعزز هذا فيك الشعور الإيجابي وتطمئن تماما.
حتى تكتمل الصورة العلاجية أريد أن أصف لك دواء أساسيا لعلاج الخوف والتوترات والأعراض النفسوجسدية، الدواء يسمى (استالوبرام)، وتجاريا يسمى (سبرالكس)، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة -أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- تتناولها بانتظام لمدة أربعة أيام، ثم تجعل الجرعة حبة كاملة (عشرة مليجرام) يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها عشرين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
هذا دواء سليم وفاعل وممتاز، وغير إدماني، فقط ربما يفتح الشهية للطعام قليلا، كما أنه بالنسبة للمتزوجين عند المعاشرة الزوجية ربما يؤخر القذف المنوي قليلا، لكنه لا يخل أبدا بالصحة الإنجابية أو الذكورية.
أضيف إلى السبرالكس دواء آخر مضاد للقلق بسيط جدا، يعرف باسم (دوجماتيل) واسمه العلمي (سلبرايد)، هذا الدواء أريدك أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة في الصباح (خمسون مليجراما) لمدة شهر، ثم كبسولة صباحا وكبسولة مساء لمدة شهر آخر، ثم كبسولة واحدة صباحا لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناوله، دواء بسيط وسليم، وقطعا سوف يكون داعما لفعالية السبرالكس.
سعدنا بك جدا في الشبكة الإسلامية، ونشكرك على الثقة في هذا الموقع، ونشكر لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.