السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي أن والدي قريبا سيتطلقان، وأنا الابنة الكبرى، ولدي 3 إخوة، وحدث هذا مباشرة بعد الحجر المنزلي، أحاول أن أوفق بينهما دون أن أشعر أحدهما أني أنحاز للطرف الآخر، لكن مع ذلك يشعراني بأنني أفرق بينهما في كل فرصة أو موضوع.
أشعر بالرغبة في البكاء واختناق وفراغ، أصبحت لا آكل كما كنت، وأحجز نفسي في غرفتي بحجة الدراسة، والحقيقة أني لا أريد أن أجتمع بهما، ولا الحديث مع أحد، لا أعرف ماذا أفعل؟ بالكاد أفكر، لو لم أكن في هذه الحياة لكان أفضل من هذا الشعور المخيف الذي أجهله، ولا أملك له حلا، فأرجو مساعدتي، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال، ونحيي هذا السؤال الذي يدل على أنك كبيرة وعاقلة، وأنك تستطيعين أن تفعلي الكثير، ولأنك الكبرى فهذا يؤهلك للقيام بأدوار كبيرة، نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الصبر، وأن يؤلف بين قلبي الوالد والوالدة، وأن يكتب لكم ولنا السعادة والاستقرار.
نحن سعدنا – ابنتنا – بهذه الاستشارة التي تدل على هم كبير وهمة عالية، ونتمنى أن تخرجي من العزلة في حجرتك، وتقومي بأدوار تجاه الوالد وتجاه الوالدة وتجاه إخوانك، الذين ينبغي أن يكونوا عونا للوالد وللوالدة على إكمال المشوار، ونسأل الله أن يرفع الغمة عن الأمة، فإن وجود الأب ووجود الأم في هذا الحجر المنزلي الذي خيم على الدنيا كان يحتاج إلى مهارات واستعداد، لأن هذا الحجر وهذا الوجود المستمر قد يتسبب في مشكلات إذا لم نعرف خصائص البعض، أو إذا لم نعرف كيف نقضي وقتنا ونطرد الملل.
ولذلك أرجو أن تزول الغمة عن الأمة، وأن يزول هذا الإشكال بين والديك، ونؤكد أن دورك كبير، فلا تنعزلي، ولا تهربي من هذا الواقع، واجتهدي في الإصلاح بينهما، خذي الوالد وكلميه بما يحب وبأفضل ما سمعت من ثناء الوالدة عليه، واجلسي مع الوالدة منفردة بها وكلميها عن فضائلها، وتذكريها بمعروفها عليكم، ثم ذكريها بالمواقف الجميلة التي ذكرها الوالد بالخير.
هذا دور الإنسان في الإصلاح، يقول خيرا وينمي خيرا، والزيادة مسموحة، أن تزيدي الكلام، فإذا قال الوالد (كانت طيبة وكذا) تقولي لوالدتك (هو يقول: أنت طيبة وفاضلة و...) وتتركي الجانب المظلم، فالإنسان لكي ينجح في الإصلاح لا بد أن يقول خيرا وينمي خيرا، ينمي الخير، ويزيد في الخير، ويكتم ويكظم الجانب الثاني، وهكذا ينبغي أن يكون دورك.
فأنت مطالبة أن تكوني بارة بالأب، وأن تكوني بارة بالأم، وإذا شعرت أن الأم مظلومة فصبريها، وشجعيها، وذكريها بأسرتها، وذكريها بالأجر والثواب عند الله. أو كان عند الوالد ضيق فخففي عليه، وهوني عليه، وأخبريه بحاجتكم إلى أن تكونوا مع بعضكم ... يعني: هذا الكلام الجميل له أثر كبير، ولا نريد هذه السلبية التي يريد الشيطان أن يدخلك فيها ليحقق ما يريد، فإنه لا يفرح بالطلاق ولا يفرح بالفراق إلا عدونا الشيطان.
نسأل الله أن يعينك على الخير، ونكرر الترحيب في موقعك، ونحن على استعداد أن يكون لنا دور، شريطة أن تعطي تفاصيل عما يحدث، وحتى نكون لك عونا على تحقيق هذا الإصلاح، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الذنوب، وأن يبعد الشياطين عن أسرتكم، وأن يلهمهما – الوالد والوالدة – ونحن جميعا السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.