السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري، منذ ما لا يقل عن سنتين أعاني من وساوس قهرية بأفكار مختلفة، منها الوسواس القهري المرضي، وتراودني أفكار أعلم أنها خاطئة، لكن أحيانا لا أستطيع السيطرة عليها، هل أوسوس حتى من كوني طبيعية أو قد أصابني الجنون؟!
لدي فوبيا كبيرة من الأخطاء، فأنا أجلد نفسي على الأخطاء الصغيرة والكبيرة، لدرجة أني أدخل بنوبة من ضيق التنفس والخفقان والصداع.
أيضا حصلت لي في عدة حالات أن أكون جالسة أضحك مع عائلتي ثم فجأة أبدأ بالبكاء، وقد حصل العكس مرة واحدة فقط، هذه الحالات تحصل عندما أكون مضغوطة ومتعبة أو حزينة، أنا قلقة جدا من هذه الحالة، فقد قرأت أنه خلل في الدماغ أو شيء خطير، كما أعاني أيضا منذ سنتين من آلام في ضلعي الأيسر، أشعر وكأنه مخلوع، وأيضا ألم في صدري يشبه الوخزات، يحصل لي عند القلق والتوتر والخوف.
راجعت أكثر من طبيب لكنها أعراض مستمرة، فهل هي حالة نفسية؟ أنا غالبا ما أشعر بالاختلاف عن باقي الفتيات في عمري، أفضل الانعزال ولا أعرف كيف أحب نفسي وأخرج من كل ما يحصل معي، لا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي، لأن عائلتي ليس لديها وعي بالأمراض النفسية، لا أستطيع أن أحملهم فوق طاقتهم.
وفقكم الله وجزاكم ألف خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Maryem123 حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على الثقة في استشارات إسلام ويب.
رسالتك واضحة، بالفعل لديك بعض الأعراض الوسواسية، ولديك أعراض جسدية مرتبطة بالقلق والتوتر والمخاوف الموجودة لديك، وأعتقد أيضا أنه قد أصابك نوبات هلع أو فزع أو هرع بسيطة.
إذا حالتك هي حالة نفسوجسدية، ولا أرى أنه لديك مرض عضوي، هذه الحالات – أيتها الفاضلة الكريمة – تعالج من خلال ما نسميه بالعلاج السلوكي المعرفي، بمعنى أن تحقري هذه الأعراض، وأن تصلي لقناعة أنها ظاهرة نفسية، وأن تستبدلي الفكر السلبي بفكر إيجابي، وأيضا أن يشغل الإنسان نفسه بما هو مفيد، لأن ذلك فيه صرف للانتباه عن التركيز في هذه الأعراض، والإنسان إذا أحسن إدارة وقته وجعل له بدائل فاعلة في حياته تقل هذه الأعراض أو ربما تختفي تماما.
أنصحك إذا بالتفكير الإيجابي، وبالمشاعر الإيجابية، وحسن إدارة الوقت، وأن تحرصي على النوم الليلي المبكر، لأنه يؤدي إلى ترميم ممتاز في خلايا الدماغ، مما يجدد طاقات الإنسان.
فكرة الخوف يجب أن تحقر، الوساوس لا تناقشيها أبدا، لا تخوضي فيها، لا تحاوري الوسواس، هذا يزيد منه، إنما حقريه، وتجاهليه.
أمر آخر لابد أن أنصحك به، كما ننصح الآخرين في مثل حالتك، هو: ممارسة الرياضة، الرياضة الآن أصبح يقينا أنها تؤثر إيجابيا على الكثير من المكونات العصبية في داخل الدماغ، هنالك مواد كيميائية هي التي تتحكم في مزاج الإنسان، مثل مادة السيروتونين مثلا، وجد أن الرياضة تحسن كثيرا من هذه المادة. إذا الرياضة مهمة.
أيضا تمارين الاسترخاء أيضا مهمة، والتعبير عن الذات وتجنب الكتمان يساعد كثيرا في العلاج، وأن يكون لك أهداف واضحة، وأعتقد أن الهدف الأسمى هو يجب أن يكون التميز الدراسي في هذه المرحلة، احرصي على صلواتك في وقتها، الدعاء، الأذكار – خاصة أذكار الصباح والمساء – مهمة جدا، بر الوالدين يعطي دفعا نفسيا إيجابيا كبيرا.
أنا أعتقد أنك إذا طبقت هذه الآليات العلاجية سوف تحسين بتحسن كبير إن شاء الله تعالى، طبعا التحسن سوف يكون تحسنا متدرجا، لن يحدث ما بين يوم وليلة، تغيير نمط الحياة ينتج عنه تغير كبير في الصحة النفسية للإنسان، كثير من الظواهر السلبية تختفي وتظهر ظواهر إيجابية ترتقي بالصحة النفسية للإنسان.
طبعا إذا تناولت أحد مضادات القلق والخوف والوسوسة سيكون أمرا جيدا، لكن هذا الأمر لابد أن تطرحيه مع أسرتك، والآن كثير من أطباء الباطنية وأطباء الأسرة لديهم إدراك تام لعلاج مثل هذه الحالات دوائيا، دواء مثل (سبرالكس) أو (زولفت) أو (بروزاك) سوف يساعدك كثيرا.
إذا اطرحي الأمر على أسرتك، ووضحي لهم أننا قد أفدناك بأنه لديك ما نسميه بقلق المخاوف الوسواسية من الدرجة البسيطة، وأنت تحتاجين لأحد هذه الأدوية لمدة تتراوح ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.