السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة عمري 20 سنة، طالبة جامعية ولدي طموح كبير للدراسة، والوصول إلى وظيفة مرموقة -بإذن الله تعالى-، المشكلة أنني في هذا السن أصبحت أفكر في الزواج وتأسيس أسرة، وأريد زوجا يكون لي السند ويساعدني في تحقيق أهدافي، لكن بالنسبة لوالدي فإنهما يتعاملان معي على أنني ما زلت طفلة، وأهم شيء عندهما هو الدراسة والنجاح، بحيث لا أستطيع أن أقول لأمي إنني أفكر في الزواج، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أصبت بمرض جلدي، عبارة عن فطريات تترك بقعا بنية على منطقة الصدر والكتفين والظهر، وأنا الآن آخذ مضادات الفطريات، ولا أعرف إن كانت ستزول نهائيا.
تحدثت مع شاب في الفيسبوك وطلب مني الزواج، هو إنسان رائع، رغم أنني لم ألتق به أبدا، إلا أنه يعمل سائق تاكسي، أكبر مني بسنتين أو ثلاث، إلا أني أنا أفضل منه في المستوى التعليمي، وعندي طموح كما ذكرت، والمشكلة أنه ليس لدي الجرأة لكي أصارحه بمرضي، أخاف من النفور والرفض.
لا أظن أنه متدين، بل كسائر شباب اليوم، يصاحب الفتيات على حسب ما تبين لي، ولكنه صاحب قلب طيب، ورفضته مرات عديدة، إلا أنه قال إنه سينتظرني حتى أنهي دراستي.
إن شفيت لا أستطيع أن أقول لوالدي إنه سيتقدم لي شخص تحدثت معه في الفيسبوك، حقيقة أنا أفكر في جل هذه الأمور.
أتمنى منكم النصيحة، وأن تبينوا لي الطريق الصواب، وجزاكم الله خيرا، وآسفة على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يمنة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
أهلا بك -بنيتي يمنة.
إن الزواج -غاليتي- أمر شرعه الله، وحث الإسلام عليه لعمارة الأرض وعفة النفس عن الحرام، وكم هو جميل أن تري نفسك ملكة في بيتك امرأة صالحة، فالرسول -عليه صلوات وسلام من رب رحيم- يقول: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" " إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أشكالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" وكذلك الإنسان الراقي المتخلق بأخلاق الله ينظر إلى الخلق والسلوك والتربية.
الزواج سنة من سنن الله تعالى في الكون، والله تعالى جعل ذلك لجميع خلقه، وخص الإنسان فيه بالتكريم "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة".
قولك"بالنسبة لوالدي يتعاملان معي على أنني ما زلت طفلة وأهم شيء عندهما هو الدراسة والنجاح”، أقول لك بنيتي، أنت تشعرين أنك كبرت، ووالداك يشعران أنك ما زلت صغرة، وهذه المشكلة يواجهها كل الشباب في سنك، ولتعلمي أنك ستظلين في نظر والديك طفلة صغيرة وإن بلغ عمرك السبعين عاما، فهذا شعور فطري يقوم به الآباء رغما عنهم، هكذا عليه جبلت كل الآباء فلا تستغربي أو تشغلي بالك أو تحزني، ولا تعتبري الأمر قلة ثقة بك أو غير ذلك.
بخصوص ما ورد في رسالتك، مشكلتك بسيطة، حيث ذكرت: "أصبت بمرض جلدي عبارة عن فطريات تترك بقعا بنية على منطقة الصدر والكتفين والظهر"، أقول لك وأحب أن أنبهك إلى أمر مهم، وهو: ألا تتملك مشكلتك عليك عقلك ونفسيتك؛ فهذا يفسد الحياة، فيفترض في الإنسان أن يحاول جاهدا أن يعزل المشكلة عن نفسه ويبتعد، فلا تضخمي الموضوع وتزيدي من أهميته، وأنصحك أن تصرفي نفسك عن التفكير "بالبقع على الجلد"، ويمكنك لمزيد من الاطمئنان اللجوء لطلب الاستشارة من طبيبة جلدية إذا لم تتوصلي إلى نتيجة مرضية بعد استعمال الدواء، وتأكدي أن هذه الفطريات ستزول نهائيا -بإذن الله تعالى-، وهذه الفطريات لا تعتبر مرضا مزمنا، اطمئني بنيتي.
أما فيما يخص الشاب التي تعرفت عليه عن طريق التواصل الاجتماعي"الفيسبوك" والجواب جاء على لسانك حيث قلت: "لا أظن أنه متدين بل كسائر شباب اليوم يصاحب الفتيات على حسب ما تبين لي"، أيعقل غاليتي أن تستمر علاقتك معه؟ وهل هذا الشاب هو فارس أحلامك، وهل يلبي طموحاتك، وهل باتت مواقع التواصل الاجتماعي هي المكان المناسب للتعارف والزواج؟ أسألي نفسك هذه الاسئلة وجاوبي عليها.
نصيحتي لك من قلب نصوح: أرجو منك بنيتي أن تعلمي أن الشرع قد وضع شروطا لمثل هذه العلاقات حفاظا على كرامة كل منهما، فنصيحتي لك: أن تتوقفي عن التحدث معه، ويمكنك إعلامه أنك لا تريدين معصية الله -عز وجل-، ومع مرور بعض الوقت ستجدين أن قرارك هو لصالحك أولا وأخيرا، وهذا الشاب إن كان يريدك حقا، فلن يتخلى عنك، وسيسعى للحصول عليك بطريقة تليق بفتاة مسلمة.
* اعلمي أن هذه العلاقة هي معصية لله -عز وجل-، وإن استمريت بها سوف تجلب لك المزيد من المتاعب والهم والنكد، وأنت تستحقين الأفضل عند الله، فلا تسمحي لهذه العلاقة أن تفسد عليك دينك ودنياك، واعلمي أن من ترك شيئا لله عوضه به خيرا، وهذا ما أخبرنا به رسول الله حيث قال: "إنك لن تدع شيئا لله -عز وجل- إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه".
* لا تقصري في العبادات من صلاة وصوم ودعاء واستغفار، ركزي على دراستك الجامعية؛ فهذا مستقبلك لتكوني فتاة مسلمة متميزة ولتشغلي أعلى المراكز واشغلي روحك وفكرك بزيادة بر والديك وصلة أرحامك، واهتمامك بإخوتك؛ فهذه الأعمال تغذي النفس بما فيها من منفعة لك ولغيرك، ولا تنسي أن العلم هو سلاح الفتاة في هذا الزمان العصيب.
أسأل الله الكريم الرحمن أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يثبتك على الطاعة والإيمان، ويرزقك بالزوج الصالح الذي يعي قدرك.