السؤال
هل يلزم زوجي النفقة على أهله؟ زوجي مدين بسبب مصاريف الزواج، وكذلك هو مطالب بمصاريف إيجار والنفقة علي، ويعطي مالا كثيرا لأبيه شهريا، وأبوه مقتدر ومسرف جدا، والموضوع صراحة يضايقني وكذلك يضايقه هو، وقد اشتكى لي مرة فقلت له: أنت ومالك لأبيك، على الرغم من تضايقي من هذا الأمر، خوفا من أن يأثم بمنع النفقة.
هل يجوز أن أقول لزوجي ألا يرسل لأهله مالا؟ وإن كان لا يجوز فكيف أصبر نفسي وأصبر زوجي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابنتنا الكريمة – في استشارات إسلام ويب.
نعم يجب على زوجك أن ينفق على والديه إذا كانا محتاجين، وقد أحسنت صنعا حين أشرت على زوجك بقولك: (أنت ومالك لأبيك)، وهذا يدل على رجاحة في عقلك وحسن في إسلامك، ونسأل الله أن يزيدك صلاحا وتقى، واعلمي أن إحسان زوجك إلى والديه سينعكس بالأثر الطيب على حياته معك، وعلى أسرته، وعلى أولاده من بعده، فإن بر الوالدين من أعظم الأسباب لصلاح الأولاد.
اعلمي كذلك أن ما ينفقه زوجك على أهله من جملة الصدقات التي سيخلفها الله سبحانه وتعالى عليه، وستجدون أثرها إن شاء الله تعالى في حياتكما، وقد وعد الله تعالى المنفق بالخلف، فقال سبحانه: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأنه في كل يوم يصبح ملكان يقولان: (اللهم أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفا).
هذا لا يعني أنه يجوز للزوج أن يضيع حقوق زوجته، فالواجب عليه أن ينفق على زوجته بما تحتاجه بالمعروف، أي: بما جرى به عرف الناس في أمثالهما – أي في طبقتهما من المجتمع -، وعلى الزوج أن يوازن بين الواجبات المترتبة عليه، وأن يحاول أن يسدد ويقارب، وسيعينه الله تعالى، وكوني عونا لزوجك وسندا له وستكسبين بذلك سعادة في دنياك وآخرتك، ستكسبين رضا الله تعالى في إعانة زوجك المسلم على ما يرضي الله تعالى عنه، وتكسبين حب زوجك وقلبه.
أما ما ذكرت من الدين على زوجك فالدين واجب السداد، ويجب عليه أن يسد عليه من الدين، وإذا كان والده لا يحتاج إلى نفقات للمصاريف فينبغي له أن يتلطف بأبيه ويتحبب إليه بقدر الاستطاعة، ويقول له الكلام اللين العذب الحلو، ويعتذر منه في إنقاص ما قد يأتيه منه بسبب سداد الديون التي عليه، ويحاول الاعتذار إليه بأن الناس يطالبونه بالديون، ويذكر له ما في الديون من ترهيب الشرع والمنع من المماطلة وتأخير الدين مع القدرة عليه، ونحو ذلك من الكلام الطيب، وسيستجيب له الوالد، أو يعذره على الأقل، والله تعالى قد أرشد الإنسان إلى الكلام الطيب مع الأقارب إذا عجز عن الإنفاق عليهم، فقال سبحانه وتعالى في سورة الإسراء بعد أن أمر بالإحسان إلى الوالدين وبعد أن أمر بالإحسان إلى القربات فقال: {وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا} ثم قال: {وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا} يعني: إذا كنت لا تستطيع إعطاءهم في الحال لعذر من الأعذار وترجو أن يوسع الله تعالى عليك في المستقبل فتعطيهم، فقل لهم الآن القول الميسور، القول الحسن الجميل، كأن يقول لهم: (لعل الله تعالى ييسر ويفتح ويزيد في الرزق فأعطيكم كل ما تحتاجونه، وما عليكم إلا أن تصبروا علي قليلا)، ونحو ذلك من الكلام، فإن شاء الله تعالى سيصل إلى ما يريده، ويجمع بين خيري الدنيا والآخرة.
نسأل الله تعالى أن يقدر لكم الخير ويتولى عونكم.