تضررت أسرتي كثيراً من فيروس كورونا، فما النصيحة؟

0 36

السؤال

السلام عليكم

أسرتي ممن تضرروا من فيروس كورونا، أخي الأكبر تم خصم جزء من راتبه، وأخي الآخر تم خصم 50% (نصف راتبه)، لدي أخوان يعملان في الخارج، أحدهما لا يعمل بسبب الفيروس، وهما في بلدين كثرت فيهما الإصابة بفيروس كورونا.

هذا الأسبوع جارنا الذي يسكن أمامنا مباشرة أصيب بالفيروس، وتم أخذه وقاموا برش المنزل، وبالأمس استيقظت من النوم وجدتهم يرشون المنزل الملاصق لنا مباشرة، لعل أحدهم أصيب بالفيروس!

فكيف أتعامل مع هذه المواقف؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا – أخي الكريم – في استشارات إسلام ويب.

هذه الجائحة – أيها الحبيب – التي أصابت الناس جميعا -المؤمن والكافر والبر والفاجر- قدرها الله سبحانه وتعالى لحكم عظيمة، فإنه سبحانه وتعالى لا يفعل شيئا عبثا، ولا يقدر شيئا سدى، بل لله الحكمة البالغة، فهو سبحانه وتعالى العليم الحكيم، والمؤمن ينبغي أن يتميز موقفه عن الآخرين، بسمات وأوصاف تجعل من هذه الأقدار وهذه الأحوال التي يمر بها نقاطا مضيئة في حياته، وسجلات أعماله.

أول هذه السمات التي ينبغي أن يتميز بها الموقف الذي يقفه المسلم هو: حسن الظن بالله تعالى، فالمؤمن يحسن ظنه بربه، ويعلم جيدا أن الله سبحانه وتعالى لطيف بعباده، وأنه الرحيم الودود، العليم الحكيم، فهو وإن قدر على عبده المؤمن أقدارا مؤلمة؛ إلا أنه سبحانه وتعالى يقدر له من وراء تلك الأقدار خيرات كثيرة لا تعد ولا تحصى.

على المؤمن أن يقابل ذلك بالرضا والصبر والاحتساب، وينتظر من الله تعالى الفرج والتيسير، والله يقول عن نفسه في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء).

ثانيا: يجب على المؤمن أن يتوكل على الله، والتوكل معناه: تفويض الأمور إلى الله، واعتماد القلب على الله، فالإنسان بنفسه ضعيف عاجز لا يستطيع أن يجلب لنفسه نفعا ولا يدفع عنها ضرا، والفاعل لذلك على الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى، فأرزاقنا عنده، وآجالنا عنده، ومستقبلنا عنده، فلماذا نخاف ونجزع؟ ولماذا لا نتوكل عليه؟ كما قال الرسل فيما حكاه الله تعالى عنهم في كتابه العزيز: {وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا} يعني: أي شيء يمنعنا من أن نتوكل على الله، وأي مصلحة لنا في ترك التوكل على الله؟!

المؤمن يتوكل على الله، وهذا التوكل في حد ذاته من أعظم أسباب الرزق وتفريج الأمور، والله قال في كتابه الكريم: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} يعني: فهو كافيه، والله تعالى فيه الكفاية، فعطاؤه لا يوصف ولا يحد، ولطفه وبره وكرمه ليس له منتهى، ففوض أمورك إلى الله – أيها المسلم – واعتمد على الله.

ثالثا: الأخذ بالأسباب الممكنة للأقدار الحسنة التي نرجوها، فالرزق يحتاج إلى الأخذ بالأسباب الحلال المشروعة، وألا يتوانى الإنسان ولا يتكاسل، بل يأخذ بالسبب بقدر استطاعته، ثم ينتظر بعد ذلك الفرج والتيسير من الله تعالى.

المؤمن حينما يقف هذا الموقف متوكلا على الله، محسنا الظن به، ساعيا في الأرض بالأخذ بالأسباب المتاحة المشروعة المباحة، فإنه يجد سعادة ولذة للعيش والحياة وإن كان في ضيق من أمره، وهذا الذي نوجهك إليه – أيها الحبيب – والإيمان بالقدر جنة الله تعالى العاجلة في هذه الدنيا، فالمؤمن يتميز عن الآخرين بأنه يؤمن بقدر الله، وأن كل شيء مما يصيب الناس قد كتبه الله تعالى قبل أن يخلقهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)، فكل شيء مكتوب، فلا نجزع ولا نخاف، إنما علينا أن نأخذ بالأسباب بالأقدار الحسنة المحبوبة، نأخذ بأقدار الشفاء، من التداوي، وأخذ الحمية والاحتياط والاحتراز والابتعاد عن مواطن الهلاك، ونأخذ بأسباب الرزق.

هذا دورنا والباقي مكتوب عند الله تعالى، فإذا آمن الإنسان بهذا الإيمان (بالقدر) فإنه يعيش لذة العيش وهناءته، غير قلق ولا خائف ولا هياب.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يوفقنا وإياك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات