السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب عمري ٢٢ سنة أعاني من مشكلة ازدياد ضربات القلب وهلع ويكاد أن يغمى علي عندما أكون في موقف انفعالي مثل التحدث أمام الجمهور أو الحماسة الزائدة في مسابقة ما، علما أن في داخلي لا أكون خائفا، بل متشوقا ومتلهفا لألقي كلمتي أو أشارك برأيي، أو أشارك في حل المسابقة.
كما أن أصدقائي وزملائي يحبونني وهذا يؤكد عدم خوفي من إلقاء كلمتي، أيضا لمجرد تذكري لموقف أني سألقي كلمة، أو تذكر موقف مواجهة مثلا أن أخبر فتاة بإعجابي بها في حدود الشرع، أو موقف إبداء لرأيي أمام مجموعة من الناس، تنتابني هذه الأعراض نفسها، وتزداد ضربات قلبي.
أرجو منكم نصحي وتوجيهي للحل القاطع، لكي أستطيع أن أكمل حياتي، علما أني شخصية اجتماعية، ولست منطويا. أيضا سأصبح مهندسا، ومواقف المواجهة أتعرض لها كثيرا، كصعود المسرح وإلقاء كلمة للجمهور، وهذه الحالة ستدمر حياتي، فعندما تزداد ضربات القلب أشعر بتنميل في دماغي وتنعدم الرؤية، فلا يبقى إلا أن أسقط على الأرض.
بعض الأحيان يأتي هذا الشعور في أول ثوان معدودة أثناء صعودي منصة الحديث، ثم أستطيع أن أكمل، ولكني أريد أن أتخلص نهائيا من هذه النقطة، فهي نقطة ضعفي التي لا أرى غيرها في حياتي، فأرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيها الفاضل الكريم: أبشرك أنك لا تعاني من الرهاب أو الخوف الاجتماعي. الذي تعاني منه هو ما نسميه بقلق الأداء الزائد، فبعض الناس الذين يسعون دائما نحو الإجادة ورفع كفاءة الأداء تتحفز أجسادهم من خلال تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي – أو ما يعرف بالجهاز السمبثاوي – ويحدث إفراز كبير لمادة الأدرينالين، ومن ثم يتغير الجسد فسيولوجيا، ويحدث ما يحدث من تسارع لضربات القلب، وبقية الأعراض الجسدية التي تحدثت عنها.
إذا الحالة حالة فسيولوجية، وهذا القلق قد يكون قلقا محمودا، وأنت كما تفضلت وذكرت في آخر رسالتك، ذكرت أنك وفي بعض الأحيان بفضل الله تعالى يأتي هذا الشعور في أول ثوان معدودة أثناء صعودك على منصة الحديث، ثم تستطيع أن تكمل الحديث.
فإذا هو نوع من التحفيز الفسيولوجي القلقي المفيد، لكن في حالتك يزداد أكثر من اللزوم، فأنا أريدك أن تحقر الظاهرة، أنت مقتدر، وأنت الحمد لله لديك طاقات نفسية إيجابية جدا، وهذا واضح جدا، وأرجو أن تحاول أن تفصل فكرك عن جسدك، لا تراقب حركات جسدك، نعم أعرف أن هذا الأمر قد لا يكون تحت الإرادة الكاملة، لكنه أيضا ليس مستحيلا، نستطيع أن نفصل ذواتنا وأنفسنا من وظائف أجسادنا، ويمكن أن تقول مع نفسك: (الحمد لله قلبي يضرب الآن ليجعلني أكثر استعدادا، ما شاء الله قلبي في صحة جيدة ...) وهكذا، أسقط هذه الإسقاطات الإيجابية على نفسك.
وأريدك – أيها الفاضل الكريم – أن تتعلم وتكثف من ممارسة تمارين الاسترخاء، مفيدة جدا، تمارين الشهيق والزفير المتدرجة، تمارين شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها، هذه سوف تفيدك كثيرا، أرجو أن تلجأ إلى اليوتيوب، سوف تجد برامج كثيرة جدا حول تمارين الاسترخاء، وإن وجدت أحدا كأخصائي نفسي مثلا حاذق يدربك عليها هذا أيضا أمر جيد.
أريدك أيضا دائما أن تشبع خيالك وتلجأ إلى ما نسميه بالتعريض في الخيال، يوميا، تصور أنك لديك لقاء أو محاضرة أو برزنتيشن، تصور أنك دائما تصلي في الصف الأول، وأرجو أن تقوم بذلك، وأرجو أن تكون خلف الإمام، وتصور أنك سوف تنيب عن الإمام إذا طرأ عليه طارئ، وهكذا، هذا نوع من التعريض في الخيال، لكنه ينقل الإنسان إلى الواقع، ويؤدي كثيرا إلى التحكم التام في الوظائف الفسيولوجية للجسد.
أيها الفاضل الكريم: أريدك أيضا أن تتناول عقار (اندرال) والذي يسمى علميا (بروبرالانول)، هذا الدواء ينتمي لمجموعة الأدوية التي تسمى (كوابح البيتا)، وهو رائع جدا في مثل هذه الحالات، وغير إدماني.
أنا أريدك أن تتناوله بجرعة صغيرة جدا، عشرة مليجرامات صباحا ومساء لمدة شهر، ثم عشرة مليجرامات صباحا لمدة شهر، أنا أعتقد أن الاستمرار عليه لمدة شهرين سوف يعطينا قاعدة وركيزة طبية ممتازة جدا، بعض الناس يفضلون استعماله عند اللزوم فقط، يعني: ساعتين مثلا قبل البرزنتيشن، لكن أنا لا أفضل هذه الطريقة، أفضل الطريقة التي ذكرتها لك، وبعد ذلك يمكن أن تستعمله عند اللزوم بمعدل عشرين مليجراما مثلا قبل المهمة التي تود أن تقوم بها، لكن أتصور أنك بالفعل إذا أهلت نفسك ودربتها وطبعتها على ما ذكرته لك من النمط الحياتي وكيفية مواجهة هذه النوبات أعتقد أنك لن تحتاج للدواء على المدى البعيد.
بخصوص بما سميته إبداء الإعجاب بفتاة في -حدود الشرع- فهذه نقطة مهمة، فما دام أنك قد ذكرت حدود الشرع فيجيب النظر هل هذا الشيء هو في حدود الشرع فعلا، أم هو ما نتصور نحن أنه في حدود الشرع وقد لا يكون كذلك، لا يخفى عليك أن الإسلام قد وضع حدودا وضوابط للعلاقة بين الرجل والمرأة، وأن الفتاة التي تعجب بها لا سبيل لإبداء ذلك الإعجاب إلا عن طريق التقدم لخطبتها إذا كنت ترضاها زوجة لك، وما سوى ذلك فهو من أبواب الفتنة وخطوات الشيطان التي تقودنا إلى ما لا تحمد عقباه، ونحن نثق بأنك شاب متدين وملتزم بحدود دينك كما هو ظاهر من رسالتك وطريقة كتابتك، نسأل الله لك التوفيق والحفظ في الأمر كله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.