السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب خاطب، وعندما خطبت شعرت بأن أبي انقلب علي، وأصبح يعايرني بكل ما عمله لي، وأنه اشترى لي لابتوب، وأنه درسني، علما أني تحملت مسؤولية نفسي منذ كان عمري 20 سنة، ولم آخذ منهم أي شيء، وخطبت وكل شيء بنفسي ومن جهدي.
وأنا أقوم بمساعدته في عمل الأرض والزراعة، وأساعدهم بشكل كبير في أعمال المنزل، ولم أقصر معهم في شيء، ولكن أحيانا يطلبون مني مالا وأقول: ليس لدي مال؛ لأني أجمع المال من أجل زواجي، وكل يوم ينكد علي قبل النوم، وبسبب أشياء تافهة، فما هو العمل برأيكم؟ إني أخاف الله من معصية الوالدين، علما أني لم أقصر معهم، ومع ذلك ينكرون كل ما عملت لهم.
أحيانا يحدث خلاف بين أهلي وخطيبتي، لأن خطيبتي لا تتحمل الظلم، وكنت قد قررت العيش في بيت العائلة بعد الزواج، ولكن بعد كل هذه المشاكل قررت العيش في بيت إيجار أنا وزوجتي، بعيدا عن المشاكل، ولكن أهلي يرفضون ذلك، وأنا أخاف أن تصير مشكلة، وتؤدي إلى الطلاق من خطيبتي، فما العمل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohammed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابننا الفاضل – في موقعك، ونشكر لك هذه المشاعر التي دفعتك للسؤال، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك البر بآبائنا وأمهاتنا في حياتهم وبعد الممات، ونسأله تبارك وتعالى أن يسهل لك أمر الزواج، وأن يجمع بينك وبين الفتاة المذكورة على الخير، وأن يحقق لنا ولكم السعادة والآمال.
نوصيك بأن تستمر في البر بوالديك، بل نوصيك بزيادة الإحسان للوالد وللوالدة، والاعتراف بفضلهما قبل أن يتكلموا، فهم أصحاب فضل بلا شك، وبر الوالدين من الطاعات التي شرعها رب البرية سبحانه وتعالى، وهي عبادة ينبغي أن تستمر حتى لو قصرا، حتى لو عنفا، حتى لو لاما، وإذا لم يصبر الإنسان على والديه فعلى من سيكون الصبر؟
وأرجو أن تعرف هذه المخطوبة هذه الحقيقة، وأيضا عليها أن تدرك أن إحسانها لوالديك وصبرها عليهما مما يزيد من قيمتها ومنزلتها في نفسك أنت كزوج، وأنت عليك أن توفر لها الدعم المعنوي، وتقدر ظرفها وتحملها، وتبادلها اهتماما ورعاية وحسن تعامل مع أهلها، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
ولا ننصح أيضا بالحرص على الخروج لمنزل منفصل؛ لأن كل الذي يحدث يبدو أن الأسرة الآن تشعر أنك ستخرج بأموالك دون أن يستفيدوا منك، وعليك أن تعلم أن الخروج من البيت إلى بيت منفصل له إيجابيات، لكن له سلبيات، فمن السلبيات أنكما قد تحتاجا لبعض المعونة في بداية حياتكما والإرشادات.
الأمر الثاني: أن البعد عن الأهل قد يزيد من هذا التوتر الحاصل والغضب الحاصل، ولذلك حتى لو قررت أن تكون في بيت منفصل – بيت إيجار – فينبغي أن يكون ذلك عن تراض وتشاور، ولا نفضل أن يكون للوهلة الأولى، ولكن إذا استطعت أن تبدأ حياتك معهم، تسترضيهم، تجعل زوجتك تسعى في إرضائهم، تتحمل ما يحصل، وتعطي نفسك فرصة، ثم بعد ذلك بعد أن تتهيأ لك الظروف تخرج إلى بيت مجاور، حتى تستمر الخدمة والرعاية والمساعدة لهم؛ لأن الشريعة التي تفرض عليك حقا وواجبا تجاه زوجتك هي الشريعة التي تفرض عليك برا وحقا كبيرا تجاه والديك.
ونحن لا نريد أن تقصر في حق الزوجة، قبل ذلك وبعده لا نريد أن تقصر في حق الوالدين، وأرجو أن تتعامل مع الأمور بمنتهى الهدوء، وتحاول أيضا أن تتكيف مع الوضع، ولا تقصر إذا احتاجوا في إعطائهم حتى وأنت في هذا الظرف، واعلم أن ما تبذله من أجل والديك – خاصة إذا كانوا بحاجة للمساعدة – هو مصدر خير وبركة وسعة رزق لك في حياتك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير.
أكرر: دعوتنا لمخطوبتك بمزيد من الصبر، ومزيد من التحمل، وأنت أيضا ندعوك إلى مزيد من الإكرام لها والدعم المعنوي والتقدير لظرفها واحتمالها، ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.