السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة تخرجت من كلية الهندسة العام الماضي، ولم أستطع إيجاد وظيفة إلى الآن، فقررت أن أقدم على الدراسات العليا، الفكرة كانت في ذهني منذ فترة طويلة لكن قررت تنفيذها الآن وليس بعد سنة.
مشكلتي أختي تدرس الآن الماستر ولكنها لم تستطيع النجاح، فدراستها الآن مهددة بالفشل، أنا أخشى عليها من الحزن إن درست أنا أيضا؛ لأنني رأيت ذلك من تصرفاتها، فكلما أخبرتها عن الموضوع لا تشجعني ولا تبدي لي أي اهتمام، حتى أنها تخبرني أحيانا بأنك لا تستطيعين اللحاق بامتحان التقديم وإن الموضوع صعب.
أنا لا أريد أن أحزنها، وأتمنى لها النجاح، ولكن دراستها صعبة، وفشلت مرة وأخاف أن تفشل مرة أخرى ولا تستطيع أن تنجح، والآن أخذت الكورس مرة أخرى، وفي نفس الوقت هذا مستقبلي فأضمن شيئا لي هو أن أدرس الدراسات العليا لأن في بلدي من الصعب جدا الحصول على وظيفة خاصة إذا لم تكن لديك خبرة حتى في القطاع الخاص، ففكرت أن أدرس لأحصل على شهادة أعلى.
أنا الآن محاطة بضغط امتحان التقديم وصعوبة المواد، ومن جهة أخرى أختي وعدم تشجيعها لي، أحس أني ابني أحلامي فوق سعادتها، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Moonlight حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك أجمل ترحيب، إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط"، هذه المشاكل التي تعترضنا هي ابتلاء من الله، اختبار ليرى مدى صبرنا وقبولنا لما كتبه لنا والمؤمن يبتلى على قدر الدين، وقد بشر الله الصابرين بقوله:" إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ".
أولا: أود أن أبدي إعجابي الشديد بك، وعلى حرصك الشديد على أسرتك، وعلى شعورك النبيل وإحساسك بمعاناة أختك واستعدادك للتضحية من أجلها من علامات البر والتقوى، أسأل الله أن يزيدك برا ورعاية لها - رائع منك كل النوايا الطيبة لإسعاد أختك، لكني أرى إكمال الدراسات العليا ضرورة حتمية لمواجهة تحديات المستقبل.
غاليتي: الآن ليست مرحلة التفكير بل هي المرحلة التي تواجه فيها حقيقة أن عليك إكمال دراستك العليا والحصول على الشهادة العلمية، وليكن شعارك:" استعن بالله ولا تعجز"، للتقليل من الضغط النفسي ومشاعر الحزن الذي يسببه قلقك وخوفك على مصير ومستقبل - أختك - وهذه نقطة أساسية عليك البدء بها، والتفتي لحياتك بعين البناء والراحة والوداد.
كوني رافعة الهمم لأختك وخاصة أنكم في غربة وربما تكون ظروف الحياة أكبر تعزيز للإنسان لدفعه نحو النجاح في الحياة، واطلبي منها أن تكتب على ورقة كل ما تراه هي يسبب لها الفشل في الدراسة فربما هناك أمور أنت لم تلاحظيها أو تعرفين بها، تقربي منها وادعميها نفسيا لتكسب الثقة المفقودة وذلك من خلال الثناء على أفعالها أو على ما تختاره من ثياب، وتحدثي معها بطريقة الصديقة ودعيها تخبرك ما يختلج في نفسها بدون خوف أو قلق، واعلمي أن مساعدتك لها ووقوفك بجانبها في محنتها من أعظم العبادات، أكثري من الدعاء لها.
ثانيا: اعلمي أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وإلا ما آتاها .. فلا تجعلي حياتك كلها وسعادتك وقفا على الآخرين، ولكن اتركي لنفسك مساحة تقومين فيها بما تحبين من نشاطات تسعدك بما تسمح لك به الظروف، فالفرق بين الإنسان الناجح والآخرين هو ليس نقص القوة، ولا نقص المعرفة، إنما نقص الإرادة.
استفيدي من خبرات الآخرين في ترتيب أولوياتك، حتى تنفذي ما هو أفضل لك ولمن حولك، ومهما حصل فلا تتركي أو تؤجلي امتحانات الدخول لأي سبب من الأسباب؛ لأن من سار على الدرب وصل، ومن تسلل إليه اليأس فقد أصابه في مقتل! توكلي على الله وافعلي ما هو أهم في نظرك، وواصلي دراستك حتى تتخرجي.
ثالثا: غاليتي: إن الناجح لا يسمى ناجحا إلا لأن الناجح نجح في تخطي العقبات، ولولا وجود العقبات والمصاعب ما جاء مسمى النجاح، فلتنطلقي هذا العام ببداية جديدة، وهنا أوصيك قراءة الكتب التي تتحدث عن الناجحين لتري كم وكم من الصعاب كان يقف أمامهم عند تحقيق أحلامهم، وكيف تخطوا تلك العقبات، ونجاحك في حياتك سيمنحك ثقة وقوة.
تقربي من الله بالطاعات من صلاة وصوم، وأكثري من الدعاء، واسألي الله أن يؤلف بين قلبك وقلب أختك.
وفقك الله لما يحب ويرضى، وجعلك أنت وأختك من المتميزين في الدارين، ونفع بكما الإسلام.