السؤال
السلام عليكم.
حكايتي هي منذ فترة، في بداية الأمر بدأت تراودني أفكار في الصلاة كأني لم أصل بطريقة صحيحة، فكنت أقطع صلاتي وأعيدها أو أعيدها بعد الانتهاء منها، ولم يكن لدي علم أن هذا بداية وسواس، بل كنت أفكر أنني لن أخسر شيئا إذا أعدت صلاتي بطريقة صحيحة، ولكن مع الوقت وصلت إلى أن أشك في كل صلاة أصليها فرضا كانت أو سنة، وأصبح الأمر متعبا، ثم بدأ الوسواس يحدث أثناء الوضوء أيضا كأن أشك في انتقاض الوضوء، أو أن أشك خلال الوضوء أنني لم أمسح رأسي أو أذني، أو لم أتمضمض أو غير ذلك.
وصل بي الحال إلى وسواس الطهارة، فصرت دقيقة جدا في هذا الموضوع، وصرت أقضي حوالي نصف ساعة في دورة المياه، غير أني عندما أخرج أحاول أن أتذكر إن كان قد أصابني شيء من النجاسة دون انتباه مني، كما صرت أوسوس في نزول قطرات بول مني دائما، ولا أعتقد أنه سلس بول، بما أن كل هذه الوساوس موجودة، ولكن أحيانا أتوتر من كثرة التفكير فأشعر برغبة شديدة بنزول البول (وأشعر أن كل أنواع الوساوس باستطاعتي التخلص منها إلا وسواس نزول البول، خصوصا أن الشعور بنزوله يقيدني)، فصرت دائما أبحث عبر الإنترنت عن حل لما أعانيه، فإنني أشعر نفسي مختلفة عن كل من في البيت، أو حتى عن كل الناس.
واعلم القاعدة التي تقول أن اليقين لا يزول بالشك، فبدأت أتبعها، أحيانا أنجح وأحيانا لا، حتى أني أصبحت كلما طرأ علي الوسواس أقول لست متأكدة يوجد شك، لكن أحيانا لا أستطيع التمييز إن كان شكا أو يقينا، حتى أخاف أن أغش نفسي بالإجابة مهما جاوبت.
كما أريد أن أسأل هل عندما ننسى إذا أصابتنا نجاسة بعد يقين من ذلك يعود ويدخل ذلك ضمن الشك؟ أفيدوني فقد تعبت من الوسواس.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Riham حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب.
واضح – أيتها العزيزة – أن الوساوس قد تسلطت عليك، والسبب في ذلك إهمالك لمقاومتها من أول الأمر، واسترسالك معها، وعلاجها سهل بسيط بإذن الله إذا استعنت بالله سبحانه وتعالى وعزمت على التخلص منها باتباع التوجيهات الشرعية للتخلص منها، والتوجيهات الشرعية تتلخص في عدم الالتفات لهذا الوساوس، وعدم بناء الأحكام عليها، وعدم الاسترسال معها. فلا تلتفتي إلى شيء منها.
إذا جاءك الوسواس بأنك لم تحسني الطهارة فلا تبالي به، وإذا جاءك وسواس أثناء الوضوء بأنك لم تفعلي شيئا من أجزاء الوضوء فلا تبالي به. وهذا يحتاج منك فقط إلى إرادة قوية على العمل بهذا التوجيه، والذي يعينك على العمل بهذا التوجيه هو أن تعلمي يقينا جازما أن الله سبحانه وتعالى لا يحب منك أن تتبعي هذه الوساوس، ولا يحب سبحانه وتعالى منك هذا الاحتياط الذي تفعلينه في أمور العبادات والطهارة على وجه الخصوص، فهذا احتياط كاذب، مصدره الشيطان، يريد من خلاله أن يثقل العبادة عليك حتى تصلي في النهاية إلى تركها بالكلية، فهذا من مكر الشيطان وكيده، ولكنه علم أنه لا يستطيع أن يصرفك عن الصلاة وعن العبادة فجاءك من هذا الباب.
فإذا كنت تريدين الخلاص لنفسك وإرضاء ربك فالطريق إلى ذلك أن تهجري هذه الوساوس ولا تشتغلي بها، والله سبحانه وتعالى يقبل من عباده اليسير من العمل ويثيبهم عليه، وإذا وافق الإنسان شريعة الله وعمل بما أراده الله تقبل الله تعالى منه ذلك العمل، وإن حصل فيه قصور أو نقص.
وقد قال الله في آية الوضوء: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون}، فالله تعالى لم يرد بالعبادات أن يوقعنا في الحرج، والحرج يعني المشقة والضيق، بل أراد سبحانه وتعالى أن تكون العبادة غذاء للروح وأنسا ولذة، وسهلها لنا، ويسرها علينا، ومن تيسيره وتسهيله سبحانه وتعالى أنه شرع للإنسان الموسوس ألا يعمل بمقتضى الوساوس، فأنت إذا دخلت لقضاء حاجتك فافعلي ما يفعله سائر الناس، واستنجي، ولا تلتفتي بعد ذلك لأي شيء مهما بلغ، إلا إذا تيقنت يقينا تستطيعين الحلف عليه، كما أنك متيقنة من وجود الشمس أثناء النهار، فعند ذلك فقط تفعلين الطهارة، أما ما عدا ذلك فلا تلتفتي إلى هذه الوساوس.
هذا الذي شرعه الله تعالى لك وأمرك به، فإذا تبعت هذا نجوت بإذن الله، وسهلت عليك العبادة، الأمر يحتاج منك فقط إلى عزيمة صادقة وإرادة قوية لهجر هذه الوساوس والعمل بهذه التعليمات، وذاك الذي قلناه السر وراء هذه العزيمة، أن تعلمي أن هذه التعليمات هي شرع الله تعالى، وهي التي يحبها الله تعالى، وليس ما يقوله لك الشيطان من الاحتياط للعبادة والاهتمام بها وغير ذلك من المكايد الشيطانية.
نسأل الله أن ييسر لك الخير حيث كان.