السؤال
السلام عليكم
أرجو مساعدتي ونصيحتي، ماذا أفعل؟ ابني بعمر 3 سنوات، عندما نذهب لزيارة أحد أقاربنا الذين يسبون رب العالمين -أستغفر الله العظيم- يسمعهم ويفعل مثلهم.
قطعت زيارتي لهم، ولكن ابني سمع كلامهم، وكلما انفعل أصبح يردد مثل ما يقولون، أنا خائفة وحائرة ماذا أفعل؟
علمته أن هذا الشيء حرام ولا يجوز، وأن الله يحبنا ولا يرضى أن نسبه، وعاقبته في المرة الأولى، واليوم ثاني مرة يعيد الكلام ذاته.
أرجو مساعدتي في نصحه، فأنا في هم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم كنان حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك هذا الاهتمام والحرص، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقر عينك بصلاح هذا الطفل، وأن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يصلح الأحوال، وأن يهدي الجميع لأحسن الأخلاق والأقوال والأفعال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
لا شك أن الذهاب بالطفل إلى أسر عندها سلوكيات مثل هذه السلوكيات؛ يتأثر الطفل ولا بد، لأن الطفل سريع التأثر، والتقليد عنده آلي، خاصة عندما يكون في هذه السن، فإن الكلمات الجديدة تغويه، ويحاول أن يكررها ويحاول أن يرددها، وقد أحسنت بتقليل الزيارة أو قطعها عن هذه الأسر، ولكننا نتمنى أيضا أن تنتبهي لما يلي:
أولا: عليك بكثرة الدعاء من أجل أن يصلح الله لك النية والذرية.
الأمر الثاني: أهم علاج تمارسينه مع هذا الطفل هو التغافل، فالطفل لا يعرف معاني الكلمات، بل انزعاجك وتضايقك من تكراره الكلمة يزيد في تكرارها، ويرسخ عنده هذا السلوك، وكنا نتمنى ألا تستعجلي عقابه؛ لأن هذه المسائل ترسخ مثل هذا السلوك، والآن يعرف الطفل أنك تتضايقين، وكلما يريد أن يلفت النظر أو يريد أن يجبرك على الاهتمام به ربما يعيد الكلمة.
لذلك بعد أن توقفت عن وضعه في تلك البيئة حتى لا يكرر سماع تلك الكلمات، أرجو أن تتغافلي وتهتمي به عندما يذكر كلمات جميلة، ثم عليك أن تعطي كلمات بديلة، (سبحان الله، لا إله إلا الله، الله أكبر)، ترددي مثل هذه الكلمات، وعليك أيضا أن تركزي على إيجابياته، وأيضا من المهم جدا أن تتفقي مع والده ومع من هم في البيئة على أن يكونوا على البرنامج ذاته؛ لأن أي اهتمام وأي تركيز وأي انزعاج وأي كلام عن هذا السلوك المزعج وهو يسمع؛ هذا مما يزيد الأمر عنده رسوخا، مما يدفعه على تكرار مثل هذا الكلام.
لا يخفى عليك أن الطفل في هذا السن مرفوع عنه القلم؛ لأنه لا يعرف أصلا معنى الكلام الذي يردده، وليس معنى هذا أن نوافق على ما يحصل منه، ولكن ينبغي أن يكون العلاج على ما ذكرنا: التغافل، الإهمال، إعطاء البدائل الجيدة، الاهتمام به عندما يحسن، تعليمه كلمات جميلة، إبعاده عن مثل هذه البيئات، وقد أحسنت أيضا بإبعاده عن هذه الأسرة التي تقع في هذا الجرم الكبير.
هذا الجرم من الجرائم الماحقة؛ لأن سب الذات الإلهية من الذنوب الكبيرة الماحقة التي تجلب الوبال على الأمم والشعوب والأفراد، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهدينا جميعا لما يحبه ويرضاه، ونكرر لك الشكر على هذا الحرص، ونتمنى أن تتابعي معنا حتى تصلك بعض المواد التي تساعدك في علاج مثل هذه السلوكيات.
اعلمي أن هذه المرحلة هي مرحلة ثورة العواطف وهي ثورة السلوك أيضا، بمعنى أنه يردد الكلمات التي يسمعها، وقد تكون سبابا، وقد تكون كلمات وأشياء وسلوكيات غير مرضية، المهم الكلمة التي يسمعها هو يرددها، فإن وجد اهتماما أو انزعاجا، أو ضحكنا أو استغربنا، أو تحقق له لفت النظر، فإنه عند ذلك يكرر هذا اللفظ، وإن تغافلنا ماتت هذه الألفاظ في مهدها، فالصواب أن نتغافل، ثم بعد مدة يسيرة نعطي بدائل جميلة ونردد أذكارا وكلمات وآيات، بحيث نحن ننقله إلى هذا المحتوى الجميل إلى كلام الله، وإلى ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الكلمات الطيبة، ونقول عبارات: (ما شاء الله هذه الكلمة حلوة لما نسمعها منك "الله"، أو كلمة "سبحان الله"، أو كلمة "لا إله إلا الله"، انظر فلان كيف يرددها، ما شاء الله، صوته جميل) لأن هذا هو الذي يريده: أن يستحوذ على اهتمامنا ويلفت نظرنا.
هذه وصيتنا لكم جميعا بتقوى الله -تبارك وتعالى-، ونبشرك بأن الطفل سيتأثر بك وبوالده وببيئته الأصلية، وأن هذه الأمور السطحية توشك أن تزول، فنسأل الله أن يعينكم على حسن تربيته، وأن يصلح لنا ولكم النية والذرية، ومرحبا بك في موقعك، وشكرا لك على الاهتمام بهذه الأمور، وزادك الله حرصا وخيرا.