أتوب من المعصية ثم أرجع لها، فهل سيحرمني الله من النعم؟

0 51

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحاول الاستقامة والتعرف على الله في رحلة حياتي، أريد أن أتقرب إلى الله، ولكني أذنب ذنبا وأتوب إلى الله وأعظم النية، وأبكي بين يدي الله، هل هذا جزاء النعم التي أنعم الله بها علي؟ ثم أرجع لنفس الذنب، ثم أتوب ثم أرجع وهكذا، وأحاول قدر استطاعتي ألا أجهر بالمعصية؛ حتى لا أفسد أحدا وأتحمل وزره، ولكني أخاف أن يعتقد عني الناس الصلاح وتحسن بي الظن، وأكون من المنافقين، أخاف أن أحرم النعم بالذنب الذي أقترفه.

كيف أطلب القرب من الله، وأنا أرجع للذنب كل مرة؟ علما أني أحافظ على الصلاة والأذكار وأتحرى أوقات الإجابة، فلماذا أستسلم؟ أخاف أن أموت قبل التوبة، لماذا أتوب وأرجع؟ هل يقبلني الله وأنا أعصيه؟ هل الذنب مع التوبة والرجوع يحرمني النعم؟

آسفة على الإطالة، ولكني أريد توجيهكم للطريق الصحيح.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعنا، وأسأل الله أن يتقبل توبتك وأن يصلح حالك، والجواب على ما ذكرت:

- بما أنك قد ندمت على ما حصل منك من معاصي وتبت إلى الله منها، فهذا من توفيق الله لك وأنك على خير، فإن الله غفور رحيم، وباب التوبة مفتوح ما لم تطلع الشمس من مغربها أو تغرغر الروح في الحلق بالموت، وأنت ما زلت في سعة، ويمكن لك أن تتوبي إلى الله، ولو عدت إلى الذنب مرات عديدة، ومهما تكرر منك الذنب لا بد من التوبة، واعلمي أن الذنب الأول يمحا عنا بالتوبة، وهكذا كل ذنب يليه إذا أعقبناه بتوبة، فإنه يمحى عنا، ولهذا عليك أن تتوبي من الذنب الذي وقعت فيه الآن، وسارعي إلى ذلك، ولا تقنطي من رحمة الله، فالله رحيم بعباده، فعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربه عز وجل - قال: " أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك: " اعمل ما شئت ". رواه البخاري ومسلم.

- ومما أحب أن أنبه عليه وحتى لا تعودي إلى الذنب مرة أخرى، أن تبتعدي عن الأسباب التي تذكرك وتجعلك تعودين إلى الذنب مرة أخرى من رفقة سيئة ومن خلوة كثيرة مع النفس ونحو ذلك، وأن تؤكدي على المحافظة على الصلاة في وقتها وأن تكثري من الدعاء بأن يثبتك الله على الحق، وعليك بكثرة ذكر الله وكثرة الاستغفار، وقول لا حول ولا قوة إلا بالله، كما أن عليك مجالسة الأخوات الصالحات حتى تكتسبي منهن الصلاح والخير.

- ولقد أحسنت بكونك لا تجاهرين بالمعصية، خوفا من أن تكوني ممن ينشر ويهون المعصية للآخرين، فهذه خصلة حسنة فيك، فإن الذي يستر نفسه ولا يجاهر ولا يظهر المعاصي أمام الناس، فهذا أدعى أن يوفقه الله إلى التوبة، فعن أبي هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملا، ثم يصبح قد ستره ربه فيقول: يا فلان، قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، فيبيت يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه ". رواه البخاري ومسلم.

- ومن جانب آخر لا شك أن النعم تزول عن العبد إذا استمر في معصية الله، ولم يتب منها، وحالك أنك نادمة على ذلك، وتتوبين منها، فالخوف من سلب النعم عبارة عن توجس مبالغ فيه، فلا داعي للتفكير، واستمري في التوبة كلما وقعت في الذنب، والله رحيم بك سيقبلك، وسيفتح عليك من فضله وكرمه.

- وأخيرا: أرجو أن تحذري من مكائد الشيطان على النفس، فهو يجعلك خائفة قلقة من شيء لا حقيقة له، ويجلب لك الوهم ويعظم في نفسك الذنب، ويجعلك يائسة من رحمة الله، ولكن مع استشعار رحمة الله وأن رحمته سبقت غضبه، وأن باب التوبة مفتوح، وأن الله يغفر لمن أقبل عليه تائبا مهما كانت ذنوبه، ومهما تكررت منه، فإن مثل هذه الأمور ستزول عنك، فأبشري بخير -بإذن الله تعالى-.

وفقك الله لمرضاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات