السلام عليكم

لدينا شخص أصبح متطرفا ويكفر الجميع، وتبرأ من أبي، ويسبه ليلا ونهارا، ويفتعل معه المشاكل، لقد احترنا في أمرنا، هل نتعامل معه كأنه مريض نفسي -علما أننا لا نستطيع طلب مشورة طبيب بسبب وضعنا المالي- أم نتعامل معه كمتطرف وننبذه كما نبذنا؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله:

إن الغلو والتنطع في الدين (أو التطرف كما يسمونه) نوع من أنواع الأمراض النفسية، لأن المتنطع مال إلى طرف معين من الأقوال، وهي الأقوال الشديدة، وهذا ما يتوافق مع نفسيته ويلبي رغبته.

المتنطع يعظم القائلين بالأقوال التي فيها غلو، فيحبهم ويقدمهم على غيرهم، ويجعل ما يقولونه مقدما على كل قول، حتى إنهم ليقدمون كلامهم على كلام الوالدين، وهذا المرض يطلق عليه العلماء أنه مرض الشبهة، وهو أخبث من مرض الشهوة، لأن مرض الشهوة صاحبه معترف بأنه مذنب، بخلاف مريض الشبهة، فهو متعبد لله تعالى بتلك الشبهة، وهذا هو مكمن الخطر!

أفضل علاج لمريض الشبهة هو مناقشته مع شخص عالم قادر على تفنيد الشبه التي عنده، كما فعل ابن عباس -رضي الله عنه- مع الخوارج حين ناقشهم ورجع منهم من رجع.

صاحب الشبهة لا يتورع حتى عن قتل مخالفه، سواء كان أبا أو أما أو أخا، ويفعل ذلك تقربا لله تعالى، كما فعل بعض المنتسبين للتطرف، وما التكفير إلا بداية الطريق لذلك!

مرض الشبهة وإن كان نوعا من الأمراض النفسية إلا أن الطبيب لا يقدر على علاج هذا النوع من أنواع الأمراض النفسية؛ لأن علاجه في دحض الشبهة، لا أن يعطى عقاقير دوائية.

نبذه ليس علاجا، لأنه يريد ذلك في الأصل، ولكن اجتهدوا في البحث عن شخص قادر على دحض شبهه، وخاصة ممن يثق بهم، ولو وجدتم من كان على نفس الطريق ثم تراجع لكان أفضل، كونه قد جرب طريقتهم.

اطلبي من والديه أن يدعوا له أثناء السجود، ويتحينا أوقات الإجابة، فدعوة الوالد مستجابة، وعلى والدك أن يقترب من ولده أكثر، وأن يتعامل معه تعامل الصديق مع صديقه، فبعض الأبناء لا ينفع معه الأمر والنهي بل الحوار والنقاش.

سلطوا عليه الأصدقاء الصالحين الواعين، فإن للصديق بصمات واضحة على الشخص، وهل أثر عليه إلا قرناء السوء الذين تشبعوا بذلك الفكر المنحرف!

هجره قد يكون علاجا إن كان ذلك يزجره، أما إذا كان سيؤدي إلى المزيد من الانحراف فلا يترك ولا يهجر أو ينبذ.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يلهم هذا الولد الرشد، وأن يعيده للجادة إنه سميع مجيب.