السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا أريد الفتوى أو المشورة.
بمنة من الله وفضل تم تعييني منذ سنة بوظيفة حكومية، وقد عاهدت نفسي أن أخصص لله من راتبي شيئا، وأول راتب استلمته قمت بسداد إيجار بيت عائلة، قيل لي أن حالتهم سيئة، ولم أقف على حالهم بنفسي أو أراه بل بيننا وسيط.
ومنذ شهر علمت أن هذه العائلة قامت بشراء سيارة ب30 ألف ريال، ومع محاولات الوسيط لإرجاع السيارة والبحث عن سيارة أرخص سعرا أصرت هذه العائلة على هذه السيارة وقالوا: لا بأس سنبحث من أهل الخير من يساعدنا على سدادها.
حينما علمت بالأمر وقع في نفسي شيء ولا أعلم لا أعتقد أن الإيجار القادم سيخرج مني بطيب خاطر،
لا أعلم إن كانت العائلة فقيرة متعففة أم متسولة مسرفة، فأنا على حسن حالتي ووضعي المادي لم أستطع أن أدخر لنفسي غير 8 آلاف ريال خلال هذه السنة كاملة؛ لأنني أسدد إيجار بيتين ولدي مصاريف أخرى، ولا زال حلم اقتناء السيارة بعيدا عني حتى الآن.
استفساري وما أريد منكم مساعدتي فيه هو: هل يجوز لي أن أتوقف عن السداد لهذه العائلة وتكون الدفعة القادمة آخر دفعة؟ مع أن الوسيط سبق وأخبرهم أن هناك من تكفل بسداد إيجارهم، وأن أبحث عن عائلة أخرى أكثر حاجة، أو أيتام، أو ما شابه ذلك، أم أن في ذلك حرج كونهم قد أمنوا أنفسهم من ناحية الإيجار فأكون قد قطعته عنهم؟ وأخاف أن يكون تفكيري هذا لسخط في نفسي كوني لم أستطع تكفل أمر سيارتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابنتنا الكريمة – في استشارات إسلام ويب.
شكر الله لك حرصك على الطاعة والتقرب إلى الله تعالى بالصدقة، ونسأل الله أن يتقبل منك صالح عملك، ولم تبيني لنا حقيقة ما جرى منك عندما قلت: (وقد عاهدت نفسي أن أخصص لله من راتبي شيئا)، هل تلفظت بشيء يفيد إلزام نفسك بذلك كصيغة من صيغ النذر؟ هل قلت: (لله علي أن أتصدق) بكلام مثلا؟ أو قلت: (واجب علي أن أتصدق لله)؟ أو (نذر علي أن أتصدق لله)؟ أو تلفظت بهذا اللفظ بنفسه (أعاهد نفسي أن أخصص لله من راتبي شيئا)؟
كل هذه الاحتمالات مؤثرة في الحكم، فإن كان مجرد حديث مع نفسك، عاهدت نفسك أو خاطبت نفسك باللفظ فقلت (أعاهد نفسي)، ففي هذه الحالة لا يترتب عليه شيء، ولا يلزمك التصدق، وإن تصدقت على جهة التقرب إلى الله تعالى فهو عمل صالح تثابين عليه، ولكن ليس بلازم.
أما إن تلفظت بلفظ النذر أو اللفظ الذي يفهم منه الإيجاب على نفسك بالصدقة، مثل (لله علي أن أتصدق بكذا) أو (نذرت لله أن أتصدق بكذا) أو (أن أخصص لله من راتبي كذا)، ففي هذه الحالة هذا نذر، والنذر واجب الوفاء.
وأما إذا حصل بلفظ المعاهدة لله، إذا قلت: (أعاهد الله) أو (عاهدت الله على أن أخصص من راتبي لله تعالى كذا) فهذه المعاهدة اختلف العلماء فيها هل هي نذر أو لا، شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – يرى أنها نذر ما دامت قد التزم بها قربة.
إذا عرفت هذا فإن كان قد صدر منك نذر فالواجب الوفاء بالنذر؛ لأن الله تعالى مدح الموفين بالنذر في كتابه العزيز، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالوفاء بالنذر، قال: ((من نذر أن يطع الله فليطعه)).
فإن كنت عينت هذه الأسرة بعينها وقت النذر، فهذا التعيين لازم عند أكثر العلماء ما داموا مستحقين، وإن كان غيرهم أفقر منهم.
ورأى بعض العلماء – وهو مذهب الحنفية – أنه لا يلزم هذا التعيين، وأنه يجوز أن تصرفي هذه الصدقة إلى غيرهم، ولكن الأخذ بقول الجمهور أحوط وأولى، إذا كانت هذه الأسرة مستحقة، وإن كانت قد أرادت أن تشتري سيارة بالقيمة التي ذكرتها بحثا عمن يعينهم على ذلك.
أما إذا كانوا غير مستحقين ففي هذه الحالة تنقلين هذه الصدقة إلى من يستحقها من الفقراء.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.