السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعاني من مشكلة، وهي أنني أنمو ببطء شديد في كل شيء، جسدي صغير مقارنة بمن هن في مثل سني، خصوصا من ناحية المظاهر الأنثوية، كل من يراني لا يصدق أنني حاصلة على شهادة دراسية، وحتى أنا أشعر وكأنني ما زلت في الصف الأول الإعدادي.
كذلك، أشعر دائما أنني غير مكافئة لتفكير الفتيات في مثل سني؛ فعندما أتحاور مع الكبار، سواء من حيث العمر أو المقام، أستطيع التعامل معهم بسهولة، بل أشعر أنني عاقلة -ولله الحمد-، بينما عند الحديث مع الفتيات من سني، أشعر أنني لا أستطيع التفاهم معهن، وكأنني أتكلم بطريقة "الكبار" ولا أجيد التعبير مثلهن، لا أشعر بالمشاعر نفسها التي يتحدثن عنها، وهذا الأمر يزعجني كثيرا، ويجعلني غير قادرة على تكوين صداقات.
كذلك، أشعر أن لدي نوعا من التبلد العاطفي؛ فعلى سبيل المثال: عندما كنت في الصف الثاني الابتدائي وتوفيت جدتي -التي كنت أحبها كثيرا-، رأيت الجميع يبكون، أما أنا فكنت أحاول التظاهر بالبكاء والحزن، حتى لا أبدو مختلفة، كنت أعلم أن جدتي توفيت، ولكن لم يكن لدي ذلك الإحساس العميق بالألم في القلب، الذي يشعر به الإنسان عند فقدان شخص عزيز، وبعد فترة، سألتني أمي: "هل تذكرين شكل جدتك يا زهراء؟"، فكنت أكون صورة في خيالي لأقول لها "نعم".
كذلك، عندما كان والدي يسافر، كنت أحزن لأنه لن يكون موجودا، لكني كنت ألجأ إلى التخيل: "أبي رحل، سأشتاق إليه، لقد فعل كذا وكذا، والآن لن أراه"، وذلك فقط لأتمكن من البكاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا شك أن هنالك فوارق كبيرة بين الناس في شكل أجسادهم، وأحجامهم، وطريقة تفكيرهم وعاداتهم، فالتفاوت موجود ما بين الناس، والعوامل الوراثية والعوامل الجينية، وكذلك العوامل البيئية والعوامل العرقية، تلعب دورا كبيرا في هذه الاختلافات التي نراها بين الناس، من حيث أحجامهم، وأشكالهم، وأفكارهم، وتوجهاتهم النفسية والفكرية، وحتى مقدرات الناس متفاوتة.
لا بد أن تقبلي ذاتك، ويجب أن لا يكون هنالك أي نوع من التضجر والاحتجاج حول ذاتك، وقطعا الله تعالى خلقك في أحسن تقويم، وأنت -ما شاء الله- تجدين التفاهم أسهل مع من هم أكبر منك سنا من البنات، وهذا يعني أن مقدراتك ممتازة، وقوية، وفاعلة، ولكن ربما لعلك تتمنين أن تصبحي مثل هؤلاء البنات، لا أريدك أبدا أن تنظري إلى نفسك بمنظور الشخص الذي يقلل من قيمة ذاته، الإنسان لا يقاس بحجمه ولا بشكله ولا بمظهره أبدا، الإنسان يقاس بخلقه، بسلوكه، بأفكاره، وبنفعه لنفسه وللآخرين، فأرجو أن تغيري مفهومك حول نفسك، وربما يكون من الجيد أيضا أن تقابلي طبيبا مختصا في أمراض الغدد والهرمونات، أو تقابلي طبيبة نسائية، لتقوم بفحصك وإجراء الفحوصات الهرمونية اللازمة، التي تحدد مظاهر الأنوثة، أرجو أن تقومي بذلك، وهذا أمر مهم.
إذا كانت الفحوصات كلها سليمة، فهذا أمر جيد وممتاز، ويبقى أن الأمر فقط معتمد على هذه الفروقات الطبيعية التي نجدها بين البشر، أريدك أن تقيمي نفسك بصورة مختلفة مما أنت عليه الآن، لا تفكري سلبيا حول نفسك، انظري مقدراتك، سماتك الإيجابية، وحاولي أن تركزي عليها وأن تطوريها، وتغاضي عن السلبيات تماما، ضعي لنفسك خطة في حياتك، ضعي أهدافا، ويجب أن تكون هنالك تطلعات، وأنا أعتقد أنك من خلال التميز العلمي تستطيعين أن تحققي الكثير، وأن تغطي على النواقص -التي ترينها أنت نواقص- في شخصك، وما ذكرته حول إبداء المشاعر، ونوعية الأفكار التي تأتيك، أعتقد أنها كلها مرتبطة أيضا بمرحلة التطور البدني والذهني والفسيولوجي لديك.
أنا أراك بخير، فقط اذهبي للطبيبة، وقومي بإجراء الفحوصات، وبعد ذلك ركزي على أن تديري وقتك بصورة ممتازة، وأن تكوني شخصا نافعا لنفسك ولغيرك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.