السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أشكركم على جهودكم المضنية في السهر لخدمة هذا الموقع؛ أما بعد:
أريد أن آخذ برأيكم بخصوص حالتي، فقد مر بي ابتلاء من الله بالسحر ((والتوكال)) والمس والعين وكل أنواع الأسحار الموجودة جربت في والحمد لله على كل حال، ففقدت على إثرها عقلي لمدة 22 سنة، ومرت بي ابتلاءات شديدة ومزلزلة جدا، وكنت تائهة أهيم على وجهي لا أعلم أين أنا، ولا ماذا أفعل، ولا أين أنا، اللهم إن استرجعت ذاكرتي لمدة قصيرة ثم أعود للجنون مرة أخرى، فحدثت معي أحداث يندب لها الجبين وتبكي الحجر لدرجة الاستغلال الجسدي -أكرمكم الله- وحين أسترجع بعضا من قواي العقلية أضرب نفسي وأبكي وأحاول الانتحار وأفشل، وأود لو أقتص من نفسي!
أعلم أني الآن وبجزء لا بأس به من قواي العقلية والحمد لله بفضل الأدوية والرقية الشرعية، أعلم أني كنت مجنونة لكن ضميري ونفسي لا يرتاحان أتعذب بسبب كل ما تذكرته من أحداث وأتمنى لو استمر بي الجنون للأبد على ألا يحدث لي ما حدث، أمقت نفسي وأشمئز منها وأكرهها؛ لاني متسخة لا محالة لا مجال للمقارنة بيني وبين الطاهرات ونساء المسلمين، أنا مدنسة! ما العمل؟
أرجوكم أريد جوابا مقنعا وخاليا من العاطفة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زهرة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة-، وردا على استشارتك أقول:
فالحمد الله الذي رد إليك عقلك وشفاك مما ابتليت به، وعليك من الآن فصاعدا أن تحصني نفسك بأذكار اليوم والليلة حتى لا يجدد السحر مرة أخرى.
اعلمي أنك غير مؤاخذة على كل ما فعلت أو فعل بك في تلك المرحلة؛ كونه خارجا عن إرادتك ولم تكوني مكلفة؛ لأنك لم تكوني تعقلين شيئا، فالعقل هو مناط التكليف.
لا تكثري من جلد ذاتك على أمور فعلتها أو فعلت بك وأنت غير مكلفة، فالماضي صار في الماضي وعليك أن تفكري في الحاضر والمستقبل، وأن تجتهدي في تقوية إيمانك من خلال القيام بما أوجب الله عليك، فتؤدي الصلاة وتكثري من النوافل .. أعني نوافل الصلاة والصيام، وتكثري من تلاوة واستماع القرآن.
بما أنك كما قلت أصبت بالأسحار والناس يعلمون ذلك فلا أظن أنهم يلومونك أو يحتقرونك، ثم إن الله تعالى قادر على أن يجعل ألسنة الناس تلهج بالثناء عليك، ومن خلال استقامتك والتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة سيكون سببا في أن يلقي الله محبتك في قلوب الناس.
سيسكن قلبك وترتاح نفسك بالقرب من الله سبحانه، وستأنس نفسك بمناجاته، فحققي العبودية لله تعالى تسكن نفسك ويطمئن قلبك، كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
أكثري من التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد وتحيني أوقات الإجابة وسلي الله تعالى أن يجنبك كل سوء ومكروه وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم.
الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
الحياة الطيبة لا توهب إلا لمن آمن وعمل صالحا، فاجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، يقول تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يدفع عنك كل سوء ومكروه، وأن يرزقك الطمأنينة والثبات على دينه إنه على كل شيء قدير.