السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، عمري 13 سنة، مشكلتي مع أمي أنها لا تفهمني.
المشكلة هي أني وصديقاتي كنا نتكلم، وكنت أسمع حديثهن، فبدأت أمي تتكلم مع أختي: انظري إلى أختك لم تتكلم مع صديقتها، وقالت عني انطوائية نفسية، وهي بالعادة تفرق بيني وبينها؛ لأن عمل أختي أحسن من عملي، فشعرت بأنها تستهزئ بي، فرفعت صوتي، وقلت: ماذا أقول لهن وكل واحدة تتكلم عن قصة حياتها؟ وقلت لها لا تتدخلي بشيء يخصني، والآن أشعر بالذنب، وأريد أن أعتذر منها، ولكنها لا تقبل اعتذاري، ولا تتكلم معي، ومن قبل مع مساعدة أبي قبلت اعتذاري، ولكن هذه المرة لا تقبل، وتقول أنها لا تريد رؤية وجهي حتى، ماذا أفعل؟ هل هناك حل لهذه المشكلة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لبنى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا ومرحبا بك أيتها الأميرة.
صحيح أننا لا نجد العلاقة بين الأم وابنتها دائما على ما يرام، وكثيرا ما نجد المنغصات والخلافات التي لا تخلو منها البيوت، وبالمقابل يجب علينا أن لا ننسى أن هذه الأم هي التي حملت وربت، وأرضعت وسهرت من أجلنا؛ لذلك علينا أن نتذكر أن الحياة قصيرة، وأصحابها راحلون.
بنيتي لبنى: عليك أن تعذري أمك؛ فهي أحرص الناس عليك، وكل ما تريده وتتمناه هو أن ترى ابنتها سعيدة، وهي تتحدث مع صديقاتها، لكنها ربما من الأمهات اللواتي لا يعبرن بشكل سليم عما يختلج صدورهن، أو عاشت في بيئة ترى هذا الأسلوب طبيعيا، وهذا منتشر في الكثير من البيوت، فأرجو أن لا تفسري بعض الأمور على غير تفسيرها؛ لذلك لا تجعلي وساوس الشيطان تحرمك من حنان أمك وتبعدك عنها، ولا تستسلمي لفكرة أنها "تسخر منك"؛ فهي أكثر البشر خوفا عليك وحبا لك.
أنت -والحمد لله- بنيتي فتاة واعية، وتعلمين جيدا حقها عليك، وكل ما عليك هو أن تميزي أمك عند حديثك معها بالمزيد من الاحترام، ومهما اختلفتما في وجهات النظر؛ فلا ترفعي صوتك عليها، وتذكري قول الله جل وعلا: "وقل لهما قولا كريما"، فاحترام الوالدين من البر، وتذكري قوله تعالى: "ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما".
وسألت: " أنا الآن أشعر بالذنب وأريد أن أعتذر منها ؟" أقول لك: إن كل ما عليك هو أن تتبعي هذه الخطوات، واجعلي قلبك يفيض حبا وحنانا واحتراما للأم التي ارتبط رضاها برضى الرحمن:
-الأم أجمل كنز وأول علاقة إنسانية لك في الحياة، فاجعلي البر معها هدفك، واصبري على الخلاف مهما كان ومهما فعلت بك، وحاولي أن تجدي المبررات لها.
-اجلسي معها جلسة مصارحة، وابدئي بالكلمة الطيبة وبالعبارات التي ترضيها عنك، وأخبريها أنك بحاجة إلى وجودها، واطلبي منها أن تسامحك على ما صدر منك.
-قومي بتقبيل يدها ورأسها كل يوم، وساعديها في شؤون المنزل: كتنظيف، أو ترتيب، واحرصي أن تكوني بين يديها حين تكون في حاجتك.
- واصبري وصابري معها مهما تلفظت أو فعلت أي شيء لم يعجبك، وتجنبي كل ما يسيء لأمك من رفع الصوت أو الجدال.
- كوني على مسافة واحدة من إخوتك وقريبة من مشاعرهم، وعادلة وموضوعية عن الخلاف، واحترام أسرارهم إذا ائتمنوك عليها.
- طوري قدراتك التي وهبها الله لك، وذلك عن طريق التركيز في دراستك ومستقبلك واستثمار وقت فراغك في أشياء تحبينها.
- أدخلي نفسك في أنشطة ودورات فنية مفيدة من خلال توسيع دائرتك الاجتماعية، واختاري الرفقة الصالحة التي يمكنها أن تعينك على نفسك، ومارسي شيئا من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة.
- وثقي علاقتك بالله، وحافظي على أذكار الصباح والمساء، والزمي الصلاة "إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا".
- تقربي من رب الأرض والسموات، وأشغلي نفسك بالطاعات والدعاء والتضرع إلى الله أن يؤلف بين قلبك وقلوب أمك وإخوتك.
يقال: من الأشياء المهمة لتدعيم ثقتنا في أنفسنا وفي قدراتنا هي: أن نعبر عما نحتاجه، وما نريده، وما يجيش في صدورنا، فإذا كنت تحتاجين شيئا من شخص ما، فعبري عن ذلك واطلبيه منه، وإذا أحببت شخصا فأخبريه بذلك، وإذا كنت تريدين رفض شيء فارفضيه ولا تفعليه رغما عنك.
أسأل الله لك الهداية والتألق والتميز، وأن يؤلف بين قلبك وقلوب أمك وإخوتك يا لبنى.