ضميري يؤنبني بسبب كذبي على أصدقائي حول حياتي الشخصية، فما الحل؟

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أعاني من مشكلة كبيرة، وأرجو منكم أن تعينوني على حلها، جزاكم الله خيرا.

كان في السابق لدي صفة سيئة، وهي الكذب، وعاهدت الله ونفسي يوما أن أترك هذه الصفة السيئة، والحمد لله بدأت أحضر للمجالس العلمية والدعوية، وبدأت ألتزم الصمت كثيرا، ولا أخالط الناس، ولا أتحدث معهم إلا للضرورة لتجنب الكذب على أحد، وحتى أتخلص نهائيا من هذه الصفة، ولكن هناك أمر يؤرقني ويتعبني هو أني كذبت على الأصدقاء في أمور تتعلق بحياتي الشخصية، وحياة أسرتي.

أنا فتاة نشأت في طفولتي في أسرة تكثر فيها المشاكل، وكان أبي وأمي معاملتهم لي سيئة وقاسية مما دفعني إلى أن أكون كارها لهم، حتى أني أخبرت الأصدقاء أن أمي وأبي متوفيان، علما بأن علاقتي مع الأصدقاء علاقة سطحية، وعشت فترة من حياتي على هذا الأمر حتى تعبت، وقررت تغيير هذا النمط من حياتي، وكان هذا قبل سنة من الآن، إلا أن هذا الموضوع أصبح يؤرقني ويتعبني، شرعا هل أكون منافقة إذا لم أخبرهم بهذا الأمر؟ وهل أأثم على هذا

وما نصيحتكم لي على هذا الأمر؟ أنا لا أستطيع أن أعترف لهم بالخطأ هذا، وسبق أن حاولت ولم أستطع، هل أبتعد عنهم؟ أنا أخشى أن أكون شخصا منافقا أو أملك هذه الصفة.

أرشدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بيلسان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك بنتنا الفاضلة في موقعك، وهنيئا لك بالتوبة والعودة ومحاولة الإصلاح، ونسأل الله أن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الثبات، وبشرى لك فإن التوبة تجب ما قبلها، والتائبة من الذنب كمن لا ذنب لها، وأرجو ألا تنتبهي للآثار التي حصلت من خلال هذه الكبيرة، وهي كبيرة الكذب، فإن التوبة تجب ما قبلها، فاستأنفي الطاعات فيما تستقبلي من أيام، ولا تعودي إلى الوراء، ولست مطالبة أن تعتذري لأحد، أو تفضحي نفسك عند أحد، واجتهدي في إصلاح ما حصل من الخلل بينك وبين الله تبارك وتعالى من خلال هذه الكبيرة، التي هي كبيرة الكذب، وهي صفة ذميمة، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا علمها في إنسان لا يقبل عليه حتى يعلم أنه أحدث توبة، وهذا ما نرجوه منك، فتوبي إلى الله توبة نصوحا، واعلمي أن التوبة الصادقة عمادها الصدق فيها مع الله، الإخلاص فيها لله، الندم فيها على ما مضى، العزم فيها على عدم العود، كذلك أيضا التوقف عن الخصلة السيئة والخطيئة، ثم بعد ذلك من دلائل قبول التوبة الإكثار من الحسنات الماحية، فالحسنات يذهبن السيئات، واجتهدي كذلك في كل أمر يرضي الله تبارك وتعالى، وإذا كن صديقاتك صالحات فلا مانع من أن تستمري معهن، وإن كن غير ذلك فابحثي عن صالحات، واحتفظي بشعرة العلاقة مع كل الأخوات، لكن اسألي الله تبارك وتعالى أن يحببك إلى خلقه، وأن يحبب إليك الصالحات منهن.

أكرر: لست مطالبة بالاعتذار، ولا تحاصري نفسك، واعلمي أن ما يحصل عندك من تشويش هو من الشيطان الذي يريد أن يخرجك إلى الفضيحة، ويريد أن يحول بينك وبين تمام التوبة ورجوعك إلى الله تبارك وتعالى، الإنسان غير مطالب بأن يعتذر لأي إنسان في الأشياء التي بينه وبين الله تبارك وتعالى، والكذب في هذه الطريقة، إخبارك بأن الوالد غير موجود أو الوالدة غير موجودة، هذه أمور لا تعني الآخرين في قليل أو كثير، ولا يهمك بعد ذلك إن عرفوا الحقيقة أو لم يعرفوها، فإن سألوك فقولي: (كان خطاء، وأسأل الله أن يتوب علي)، ونحو ذلك من الكلام، أما إذا سكتن فعليك بالسكوت، وعليك بالتغافل عن هذا الذي حصل، وأعتقد أن كثيرا من الناس لا يركزون في مثل هذه الأمور، وأنت مطالبة أن تصلحي بينك وبين الله تبارك وتعالى، وعندها سيصرف عنك هذه الهموم، وسيصرف عنك هذه الشرور، واجتهدي دائما في أن تكوني في رفقة صالحات يكن عونا لك على طاعة رب الأرض والسموات.

أكرر: لست مطالبة أن تعترفي لأحد بتلك الأخطاء؛ وأيضا لأن ذلك قد لا يكون فيه مصلحة، وقد يحاول هؤلاء نشر الفضيحة وجلب الأذية بالنسبة لك أنت في غنى عن هذا، الأمر المهم هو أن تتوبي إلى الله تبارك وتعالى، والتوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.

وأنت لست منافقة، والحمد لله الذي أخرجك من تلك الحياة التي كان فيها ظلم لنفسك وظلمات، فإن الكذب خطيئة كبيرة جدا، والحمد لله الذي أخرجك منها، وقد أحسنت بسعيك في طلب العلم الشرعي، وأحسنت بحرصك على السكوت، ندعوك إلى أن تحشري نفسك في صالحات يكن عونا لك على طاعة الله تبارك وتعالى، أيضا ندعوك إلى تبين عظمة الصدق وقراءة النصوص التي تتكلم عن الصدق، واحرصي على تحري الصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الإنسان يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا.

نسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ومرحبا بك في موقعك.

مواد ذات صلة

الاستشارات