السؤال
السلام عليكم وحمة الله وبركاته
السادة الأفاضل: أرجو توضيح بعض المفاهيم، وبناء على رأيكم سأتخذ قراري في الإكمال، أو الاستمرار في هذه الخطوبة.
خلال فترة خطوبتي والتي قاربت على سنة اكتشفت فيها بعض من طباع خطيبتي:
الفشر، وهو في العامية المصرية، التجمل والتضخيم كمثال أن لديها كثيرا من الأحذية، وأنا خلال عام كامل لم أرها إلا بواحد فقط؟
النظر لما فعل الآخرون من البنات أو تعطي لي نماذج من أقاربها، كمثال أن خطيبها أعطاها كذا وكذا، وإن ما تطلبة عادي، وما تتصرف به معي عادي، ضعيفة الشخصية يتدخل الجميع في اختياراتها، وتسمع من أي أحد ويتغير مزاجها بعدها؟
خلاف كبير نشب بيننا حول: أحقيتها فى اختيار الأثاث الذي أجهزة بمالي أنا، وألوان شقتي بمالي أنا، وتقول إنه عادي، ومن حقها أن تختار؛ لأنها ستعيش فيه؟ شاركتها الاختيار ونفذت بعض ما طلبت، لكن ليس أخذ الرأي معناه أن أنفذ كل ما تريدة خصوصا أني لم أتدخل فى تجهيزها للمطبخ بأدواته لا ألوانه أو عناصره.
أشعر في كل مرة تحكي لي عن اثنين من أقاربها مخطوبين أو متزوجين أن لديهم تكييفا أو أنه ذهب ليشتري لها المكياج؛ لأنه على العريس؟ أنها تلميحات لي لتنفيذ ذلك مثل الآخرين.
* هي جامعية، لكنها مثل بعض الناس لم تحصل من التعليم إلا علي لقبة فقط، فأنا أرى أنها سطحية للغاية في أمور كثيرة جدا، وغير مثقفة إطلاقا؟ وأستعجب عندما أسألها عن رموز هامة جدا كالدكتور مصطفي محمود مثلا، فهي لا تعرفه.
أشعر بخيبة أمل من كل هذا، وأنا من الجادين في الحياه - وأفكر في فسخ الخطوبة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابننا الفاضل - في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال قبل اتخاذ القرار، ونسأل الله أن يسعدك بالسعادة، وأن يكتب لك الاستقرار، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم السعادة والآمال.
أرجو ألا تستعجل في مسألة فسخ الخطوبة، واعلم أن ما عند زوجتك طبع لعامة النساء، قد تكون عندها زيادات في بعض الأمور، ولكن أيضا ينبغي أن تنتبه إلى المعيار النبوي الذي هو: ((لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر))، فنحن لا نستطيع أن نحكم للوهلة الأولى، ولكننا ننصحك بأن تضع ما فيها من الإيجابيات إلى جوار ما أشرت إليه من ضعف الشخصية وبقية السلبيات، ثم تنظر بعد ذلك في الأمر، واعلم أننا رجالا ونساء بشر والنقص يطاردنا، وطوبى لمن تنغمر سيئاته في بحور حسناته.
ولذلك أرجو أن تتريث وتفكر مرات ومرات ومرات قبل أن تقدم على فسخ الخطبة، واعلم أن سيطرة أهلها وتأثرها بهم سيزول كثيرا بعد أن تصبح في بيتك وفي دارك، وأرجو ألا تتحرج كثيرا من حرصها على اختيار الألوان ومثل هذه الأمور، فالمرأة لها في هذا الجانب، يعني أرجو أن تتفقوا فعلا على أشياء وعلى قواسم مشتركة، لكن أرجو ألا تنزعج من مثل هذه الأمور، فالتركيز على الأمور الكبيرة والأساسية مثل الدين والأخلاق، وطبعا بعد ذلك وقبل ذلك أيضا مع الدين والأخلاق مسألة الجمال، ومسألة ما تجد في نفسك من ميل إليها، وإلا فبقية الأمور المذكورة قد لا تخلو منها امرأة.
وطبعا نحن لا نؤيد ذوبان شخصية المرأة في شخصيات الأخريات، وهذا التقليد بالطريقة المذكورة والتأثر بكلام الآخرين، لكن نعتقد أن هذا يحتاج إلى شيء من الوقت، حتى تتدرب هي على مسألة الاستقلال بنفسها، وأيضا بمسألة التعليم الشرعي ومسألة معرفة الرموز ومعرفة القامات الكبيرة، وطبعا هذا له علاقة بالبيئة التي تربت فيها، وإذا كان عندها الاستعداد لأن تتعلم وتطور من نفسها وتطور من قدراتها، فأرجو أيضا أن تضع ذلك في الاعتبار، فليس كل إنسان يأخذ زوجة جاهزة كاملة مكملة، ولكن كثير من الناس يأخذ الزوجة وبعد ذلك يبدأ في تربيتها وتوجيهها خاصة في الأمور الشرعية والأمور الأساسية في الحياة، والمرأة تتأثر بزوجها جدا، هذا مما لا شك فيه.
على كل حال: طبعا أنت صاحب القرار، لكن هذه موجهات وإشارات أحببنا أن نضعها في طريقك، وحاول أيضا أن تجتهد في عزلها عن تقليد الآخرين أو محاولة الحديث عنهم، وبين أنك ترغب في أن ترى شخصيتها الجميلة، ورأيها الجميل الواضح في كل أمر، لاحظ نحن نقول (رأيها الجميل) حتى تشجعها على إبراز ما في نفسها.
ونؤكد لك ولها أن المقارنات ليست من المصلحة في شيء، فالإنسان ما ينبغي أن ينظر إلى ما عند الآخرين، لكن النجاح الفعلي والقناعة الفعلية والرضا التام – الرضا النفسي – يبدأ بتعرف الإنسان على عناصر القوة عنده، وعلى الهبات والنعم التي خصه الله تبارك وتعالى بها، ثم إذا شكر تلك النعم نال بشكره من الله الخير المزيد.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وهذه حيثيات تعينك على اتخاذ القرار الصحيح، الذي نتمنى أن تنظر فيه نظرة شاملة، وأن تنظر إلى البدائل الموجودة في الساحة، وأن تنظر إلى مآلات الأمور وعواقبها، وأن تنظر إلى الإيجابيات في الاستمرار، والسلبيات تضع إلى جوارها الإيجابيات، ثم تعيد النظر والتأمل، ولا مانع عندنا من أن يستمر تواصلك مع الموقع بعد أن تعرض هذه الجوانب وتستعرضها، ولا تستعجل – مرة أخرى – في مسألة التفكير في فسخ الخطوبة، ولا تشعرها بأنك زاهد في الاستمرار، لكن لا مانع من أن تبين لنا أنك ترغب في جدية الحياة ووضوحها، وأن يكون للإنسان شخصية، وألا يحاول أن يقلد الآخرين، لكن طرحك في ذلك أيضا ينبغي أن يكون بأسلوب مناسب، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على اختيار ما فيه الخير، ولا يخفى على أمثالك أن الإنسان بعد أن يستشير عليه كذلك أن يستخير، ولن يندم من يستخير ويستشير، ويرضى بما يقدره ربنا تبارك وتعالى القدير.
أيضا ينبغي أن تنظر في جانب ثان وهو: الآثار السالبة التي يمكن أن تحدث لها ولأسرتها، فمسألة فسخ الخطبة ليست من المسائل السهلة، والإنسان ينبغي أيضا أن يقدر هذا الجانب، فحاول الإصلاح والتوجيه، فإن رفضت وأبت فبعد ذلك تكون هي جزء مما يحدث لها، والإنسان ينبغي أن ينظر إلى بنات الناس كما ينظر إلى أخواته وعماته وخالاته، والعاقل الفاضل مثلك لا يرضى لبنات الناس ما لا يرضاه لأخواته أو لعماته وخالاته.
نسأل الله أن يعينك على اتخاذ القرار الصحيح المناسب، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.