السؤال
السلام عليكم
لدي شخص عزيز علي، عندما كان صغيرا كان كأي إنسان طبيعي يلعب ويضحك ويمرح، لكن عند بلوغه تقريبا أصبح انطوائيا جدا ومنعزلا عن عائلته بشكل مريب، لا يجلس معهم، وإذا جلسوا معه في نفس الغرفة قام وانصرف، يخلو بنفسه بشكل شبه دائم، يتكلم قليلا جدا، حتى عند سؤاله، وعند مناداته لا يرد أحيانا، وإذا استحم يستغرق وقتا طويلا جدا داخل الحمام حتى يطرق عليه الباب ويؤمر بالخروج منه، مرة سمعته يتكلم داخل الحمام لا أعلم صراحة ماذا قال (لا أتذكر) أو مع من كان يتكلم؟ هل هو هاتف أم لعبة يلعب بها بالجوال، لأن جواله فيه ألعاب كثيرة أو يكلم نفسه، لأنه ليس لديه أصدقاء.
مرات يشاهد مقاطع لعلماء دين معروفين، مرة دخلت أمه عليه بالغرفة رأته يبكي ومرات إذا دخلت عليه الغرفة أراه يشاهد جواله ويضحك، فأرتاح لأنه مستمتع بوقته.
علما أنه كان مدخنا منذ صغره، ولكنه مراهق الآن، وأجبر على الإقلاع عنها؛ لأنه كان يعاني من جرثومة في المعدة، والآن هو على هذا الحال منذ سنين، علما أن له توأما مصاب بإعاقة عقلية ليست شديدة، ودائما يتشاجرون مع بعضهم حتى تصل إلى الضرب.
فمم يشكو؟ فأنا أحبه وهو عزيز علي جدا؟ شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب وعلى اهتمامك بأمر هذا الشاب الذي أسأل الله له العافية.
قطعا الانعزال الاجتماعي وافتقاد الفعالية والدافعية الاجتماعية لمدة سنتين تدل بصفة قاطعة على وجود علة نفسية مهمة، هذا الشاب يحتاج لفحص نفسي دقيق، ومن خلال هذا الفحص إن شاء الله تعالى يتم الوصول إلى التشخيص.
ربما أنه يعاني من نوع من الخجل الاجتماعي الشديد، وربما أنه يعاني من نوع من الوساوس الشديدة، خاصة أنه يستغرق وقتا طويلا في الحمام، وربما أيضا يعاني من مرض الفصام؛ لأن الفصام قد يكون فيه انسحاب اجتماعي شديد وانعزالية وإهمال للنفس وعدم تفاعل وجداني، وأن يتكلم الإنسان لوحده هذا قد يكون استجابة لسماع أصوات هلوسية.
أيتها الفاضلة الكريمة: هذا الشاب يجب أن يعرض على الطبيب النفسي المقتدر، وأرجو ألا يؤخر هذا الأمر أبدا؛ لأن هذه الأمراض – أيا كان نوعها، عقلية أو نفسية – إذا استغرقت وقتا طويلا دون علاج تتمكن من الإنسان وتفتت شخصيته وتؤدي إلى أضرار بليغة جدا، والآن كل الأبحاث والتجارب النفسية العملية تشير أن التدخل النفسي المبكر له فوائد عظيمة جدا، ويعود بنفع كبير على المريض، والحمد لله تعالى الآن بأيدينا أدوية نفسية ممتازة جدا، قيض الله تعالى للعلماء تفهم كيمياء الدماغ والأسباب التي تؤدي إلى الكثير من الاضطرابات العقلية والنفسية، وعلى ضوء ذلك تم استحداث الكثير من الأدوية النافعة والمفيدة والسليمة في ذات الوقت.
هذا هو الذي أنصحك به، وأرجو ألا تؤخروا عرضه على الطبيب أبدا، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.