السؤال
السلام عليكم
أنا أعاني من التوتر والقلق بشكل كبير، لا أقدر على القعود مع أقاربي أو مع الناس، ولا أقدر أن أكون بمكان عام مثل مولات مطاعم، أشعر بضيق التنفس وصعوبة ببلع الريق، وحرارة وجفاف الفم.
هذه أعراض تجيئني فقط حين أكون خارج البيت، إضافة إلى أني حين أكون خارج البيت لا بد أن تكون معي قنينة ماء؛ لأنه حين تجيئني النوبة ريقي لا أقدر على بلعه، جفاف قوي يجيء إلا أن أشرب ماء.
أنا كنت أدخن وتركته، وخفت عندي هذه الأعراض قليلا، لكن عندي الإفراط بممارسة العادة السرية، وتعرضت لصدمة عاطفية، إضافة إلى أن عندي جيوبا وانحرافا بالأنف، وأنا على هذه الحالة ٩ أشهر لا أعرف الحل.
أراجع الأطباء ويقولون: ليس فيك شيئا، سليم، تعبت إلى حد قررت أن أراجع طبيبا نفسيا وجاءت كورونا ولا توجد عيادات.
آسف على الإطالة، شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
وصفك لحالتك ممتاز ودقيق جدا، وأقول لك: الذي تعاني منه هو نوع من الرهاب البسيط، أو الخوف، أو ما يسمى برهاب الساحة، أي أن الإنسان حين يكون خارج المنزل ويفتقد أمان المنزل يحس بشيء بعدم الطمأنينة والتوتر الداخلي، وهذا يحدث قطعا في الأماكن المزدحمة خارج المنزل أكثر من الأماكن الغير مزدحمة.
الحالة الحمد لله لم تصل لدرجة ما يعرف برهاب الساحة، لم تصل لهذه الدرجة، لكنها في بداياتها، وهذه الحالات حقيقة تعالج من خلال المزيد من التعرض والتعريض، يعني: ألا تتجنب الأماكن العامة أبدا، أكثر من الذهاب إلى هذه الأماكن، ونصيحتي لك أيضا أن تصلي الصلوات في المسجد، صلي الصلوات في المسجد مع الجماعة، لأن في هذا أيضا تعرض اجتماعي ممتاز جدا، وبما أن المسجد هو مكان الأمان والاطمئنان سوف تلاحظ تدريجيا أن الأعراض قد بدأت في التلاشي.
أخي الكريم: أيضا مارس أي رياضة جماعية، لعبة كرة القدم، أو أي رياضة أخرى متاحة.
طبعا ممارسة العادة السيئة أمر سيء جدا، وحقيقة العادة السرية تشوش التفكير خاصة ما يرتبط معها من خيالات جنسية سخيفة، وأنا أراها دائما نوعا من الاستعباد الذي يفرضه الإنسان على نفسه، فحرر نفسك منها – يا أخي – وتوقف عنها، واسأل الله أن يسهل أمرك وتفكر في الزواج.
أخي: ممارسة الرياضة مفيدة في هذا الجانب، ويا حبذا لو أقدمت على الصوم أيضا من وقت لآخر كالاثنين والخميس مثلا والأيام البيض، أو أي صيام تستطيع أن تقوم به، وصل الصلاة الخاشعة، الصلاة الخاشعة التي يؤديها الإنسان على وجهها الأكمل تطهر النفس الإنسانية من الشوائب؛ لأن الأشياء المتناقضة لا تلتقي أبدا، {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا}، {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}، إذا الصلاة لها وقتها، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، فالإنسان حين يكون خاشعا في صلاته متجها إلى ربه بكليته قطعا سوف يبتعد من هذه الممارسات كالعادة السرية وخلافه.
المستقبل إن شاء الله أمامك طيب، أنت شاب، وقد تخرجت، ولك طاقات نفسية وجسدية ممتازة، أرجو أن توجهها التوجيه الصحيح، وكن في جانب التفاؤل.
أنا سأصف لك دواء بسيطا جدا، سوف يساعدك كثيرا، الدواء يسمى علميا (سيرترالين) واسمه التجاري (زولفت) وربما تجده تحت مسميات تجارية أخرى في بلادكم، هو من الأدوية الممتازة لعلاج القلق والخوف والرهاب الاجتماعي، وحتى يعالج رهاب الساحة، لكن بما أن الصورة الإكلينيكية عندك بسيطة ولم تصل لدرجة الرهاب الكامل سوف أصل لك جرعات صغيرة جدا من هذا الدواء.
الجرعة الكلية هي أربع حبات في اليوم – أي مائتي مليجرام؛ لأن الحبة تحتوي على خمسين مليجراما – لكن أنت تحتاج لحبة واحدة فقط في اليوم، أي خمسين مليجراما، ولمدة ليست مدة طويلة.
ابدأ في تناول السيرترالين بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة عشرة أيام، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء. هو دواء سليم وبسيط جدا، وغير إدماني، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وأرجو أن تطبق كل الإرشادات التي ذكرتها لك، وإن شاء الله تعالى ستتخلص تماما من قلق المخاوف هذا الذي تعاني منه.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.