السؤال
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا.
أريد السؤال حول أمر ما، إذا كانت الأم تأمر بناتها بالقيام بكل أعمال البيت، مع العلم أنهن يقمن بكل ما تطلبه، ولكن دائما تقوم بذمهن وإن قلن لن نفعل شيئا لا تعاديهن ولا تكلمهن، وتحمل الحقد في قلبها عليهن، أيضا لما كنا صغارا كانت تقول بأنها أم من النوع الذي لا يظهر حنانه، لكن مع الأسف عندما كبرت البنتان لاحظتا مدى حنانها مع إخوتهن الذكور، كل الأولوية للذكور، وخاصة الابن الأكبر، رغم أن البنات هن سندها في كل الأمور، ويلاحظن كيف يتم التفريق بينهن، وتفضيل الذكور عليهن في جميع النواحي سواء في الأكل أو حتى معنويا ( طبعا هن لا يحسدن إخوانهن، ولكن يبقى الإنسان حساسا وخاصة في مثل هذه الأمور).
أريد أن أسأل: ماذا ستفعل البنتان؟ هل يجعلن الأمر وراءهن بصفتها أمهن ويتخذن من الصبر رفيقا لهن، أم ماذا؟
(مع العلم البنات لسن عاقات ويخدمن البيت وكل من فيه).
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رميساء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا ومرحبا بك عزيزتي رميساء.
وجوابا على سؤالك حيث قلت: ماذا ستفعل البنتان هل يجعلن الأمر وراءهن بصفتها أمهن ويتخذن من الصبر رفيقا لهن أم ماذا؟
أقول لك:
واجبنا تجاه والدينا كما أوصانا العزيز الغفار في كتابه الكريم: "فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما"، فانظري إلى عظمة مكانة الآباء عند ربنا عز وجل، ولو كانا مشركين أوصى الله بهما وقال: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا"، وهذا لا يعني تجنب النصح لهم وطلب الهداية، ولكن علينا أن نقترب منهم بالكلمة الطيبة، وخفض جناح الطاعة، والاحترام، وأن نكسبهم في الدارين: دعاء في الدنيا لتسهيل أمورنا، ورضى لدخولنا الجنة، والله سميع مجيب.
واتفق الفقهاء على مشروعية العدل بين الأولاد في العطية، والنظر إلى جميع الأبناء بعين الرضا التي لا تميز بين واحد وآخر؛ لأن تفضيل بعضهم على بعض يورث البغضاء والعداوة فيما بينهم، قد يكون هناك بعض الأهل يفضل أحد أبنائه على الآخرين؛ والسبب اختلاف طبائع الأبناء؛ فهذا يحنو على والديه، وآخر يلبي احتياجاتهم، ولكن خطورة التفضيل قد تسبب حدوث مشاكل نفسية مثل: الكره والجفاء والغيرة بين الإخوة؛ وهذه هي مشكلة البنات مع والدتهن كما ذكرت خلال استشارتك، وهنا أقول لك بنيتي: إن الله خلق الأم منبعا للرحمة، والحنان على أولادها، فبر الأم يعد من شكر الله تعالى.
صحيح أننا لا نجد العلاقة بين الأم وبناتها دائما على ما يرام، وكثيرا ما نجد المنغصات والخلافات التي لا تخلو منها البيوت، وبالمقابل يجب علينا أن لا ننسى أن هذه الأم هي التي حملت وربت، وأرضعت وسهرت من أجلنا؛ فعلينا أن نتذكر أن الحياة قصيرة، وأصحابها راحلون.
لذلك علينا أن نعذر الأم ؛ فربما هي تتعرض لضغوط معينة فتسقطها على من تحب؛ لذلك لا يجوز أن نسمح لوساوس الشيطان أن تحرمنا من حنان الأم وتبعدنا عنها، ويجب أن لا نستسلم لفكرة أنها تكره بناتها؛ فهي أكثر البشر خوفا عليهن وحبا لهن.
الأم لا تكره بناتها قط؛ ولا تحمل الحقد في قلبها وهذا أمر مستحيل، لكنها ربما من الأمهات اللواتي لا يعبرن بشكل سليم عما يختلج بصدورهن، أو عاشت في بيئة ترى هذا الأمر طبيعيا، وهذا منتشر في الكثير من البيوت، وهذا أمر غير مقبول وغير صحي أبدا.
والأهل في العادة لا يكرهون أولادهم ذكورا كانوا أم إناثا؛ هذا مما زرعه الرحمن في قلوبهم، والله عز وجل أوصى الأبناء وحثهم على البر بوالديهم وليس العكس؛ وهذا لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى.
أسأل الله الهداية لكم، وأن تعم المودة والرحمة والرضى قلوبكم.