هل أستطيع تغيير شخصيتي والقلق الذي في قلبي؟

0 25

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة في الرابعة والعشرين من عمري، أخشى أنني أعاني من الاكتئاب، دائما ما أشعر بأنني غير طبيعية في أعين الناس وغريبة عنهم، طريقة تفكيري وعقلي مختلف قليلا، فأنا لست ذكية جدا، وسريعة البديهة، بل بطيئة في كل شيء، لكنني، ودائما ما كنت أشعر أني منبوذة بين أقراني من الأطفال وزميلاتي.

هذا الإحساس جعلني أبتعد عن الناس أكثر، لأنني أشعر أنهم ينظرون إلي بدونية وكأنني أقل منهم ذكاء، ولأنني قليلا ما أتحدث عن نفسي، لكن كلما تحدثت عن نفسي أشعر أن الجميع يهاجمني، وأني بحاجة لتبرير كل فعل وكل حرف لكل ناس، وأني دائما موضع تقييم ليحكموا علي، لذلك نادرا ما أتحدث!

لم أستطع أن أكون صداقات قوية مع الفتيات في الجامعة بسبب هذا القلق، تعرضت للسخرية من صديقاتي بسبب تدني درجاتي في الجامعة والمدرسة، رغم أنها بمستوى جيد جدا، لكنها أقل منهن، وهذا أثر علي.

لم أعد أستمتع بشيء، كيف يمكنني مواجهة بيئة العمل في المستقبل إذا لم أبن ثقتي بنفسي وأغير عقليتي، وإذا لم أستطع مواجهة من يتهمني بالفشل، كيف يمكنني تحمل البقاء وحيدة إذا كان الناس يؤذونني؟!

أحاول دائما التفكير بإيجابية، وإشغال نفسي، لكن الوساوس لا تتوقف، والحزن يعود، وأحيانا أبدأ بالبكاء، تعبت من شخصيتي الحساسة، ومن نظرة الناس لي بالغبية، رغم أنهم لا يعطونني مجالا للحديث، كثيرا ما أفكر أنه من الأفضل لي أن أختفي أو أموت، لأنه ليس هناك أمل من إصلاح شخصيتي.

أعتذر عن الإطالة، وأتمنى أن تستطيعوا مساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أنا لا أراك مصابة بمرض نفسي حقيقي، مشكلتك الأساسية هي سوء تقديرك لذاتك، وهذه قطعا مشكلة، لكن إذا أدركها الإنسان وتفهمها بأنها مشاعر خاطئة يستطيع الإنسان أن يرتقي بنفسه ويقيم نفسه تقييما صحيحا، يجب ألا نضخم ذواتنا، ولكن أيضا لا نحقرها.

الله تعالى خلقك في أحسن تقويم، وأعطاك المقدرات الفكرية والإدراكية والفسيولوجية، ويجب أن تنظري إلى نفسك بكل ثقة وبكل تقدير، ولا تلتفتي أبدا لما يقال هنا وهناك، لا تستمعي لانتقادات الآخرين، ولا حتى لإطرائهم، كوني منضبطة في مشاعرك وفي أفكارك وفي أفعالك.

أنا أعتقد أنه يجب أن تركزي على الأفعال الإيجابية أكثر من التفكير فيما سيأتي، أو مقدراتك، فالإنسان سلوكيا هو عبارة عن مثل: ضلعه الأول التفكير، والضلع الثاني المشاعر، والضلع الثالث الأفعال، الإنسان يمكن أن يطور نفسه كثيرا إذا اجتهد في أفعاله.

يجب أن نجتهد في الأفكار وفي المشاعر ونجعلها فعلا إيجابيا، لكن هذا قد لا يتأتى في جميع الأحوال، لكن نستطيع أن نفعل، أن ننجز، أن نحسن إدارة وقتنا، أن نحدد أهدافنا، وأن نضع الآليات التي توصلنا إلى هذه الأهداف، أن نحسن إدارة وقتنا، أن نتواصل اجتماعيا، أن نكون من أصحاب المسؤولية حيال أنفسنا أو حيال أسرنا، وأن نبر والدينا...وهكذا.

إذا ركزي حقيقة على الأفعال أكثر من تركيزك على المشاعر والأفكار، وهذا سيفيدك، الإنسان الذي يستيقظ مبكرا ويصلي صلاة الفجر في وقتها، ثم يعد نفسه للخروج لدراسته أو لعمله، وينجز في هذا المحيط، ثم يعود للمنزل، ثم يأخذ قسطا من الراحة، ثم يدخل نفسه في نشاط آخر، أو حتى يقوم ببعض الترفيه على نفسه بما هو طيب ومباح، أن يتواصل اجتماعيا، أن يشارك الأسرة في أي عمل إيجابي في المنزل، الذي يقوم بهذا لا شك أنه يحس حقيقة بأن نفسه وذاته لها قيمة، قيمة حقيقية، وهذا نسميه بـ (المردود الإيجابي على النفس).

نحن يجب أن نكافئ أنفسنا، ولا ننتظر مكافأة الآخرين، نكافئ أنفسنا من خلال إنجازاتنا، هذه نصيحتي لك.

الرياضة يجب أن تكون جزءا في حياتك، والحرص على العبادات، خاصة الصلاة في وقتها، تبعث طمأنينة كبيرة جدا في النفوس، ويا حبذا لو دخلت في مشروع لحفظ القرآن أو أجزاء من القرآن، هذا سيكون رصيدا عظيما لك.

احفظي وتدبري آيات القرآن، ستعطيك دفعا إيجابيا عظيما جدا.

أنا حتى أجعلك إن شاء الله عالية الدافعية أنصحك بتناول عقار يسمى تجاريا (بروزاك)، نعم هو يعطى لعلاج الاكتئاب النفسي، لكن له فعاليات أخرى، لأنك لست مكتئبة اكتئابا حقيقيا، هو يحسن الدافعية كثيرا. تناولي البروزاك – والذي يسمى علميا (فلوكستين) – بجرعة كبسولة واحدة يوميا لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله. هو دواء سليم، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية أبدا، وأعتقد أنه سوف يفيدك كثيرا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات