السؤال
السلام عليكم..
عند تأخري بالاتصال لغرض العمل ليلا مع عدم تكراره ربما بالأسبوعين مرة يظهر على زوجتي الغضب بخروجها ودخولها، وتتغير ملامحها، وربما غلق الباب بشيء من القوة، هنا للأسف لا آتي فورا محاولا التماس العذر؛ لأني لا أجد نفسي مخطئا، بل بصراحة أبدأ بالغضب لأني أجد مبالغة.
كما وأجد أقراني من الشباب من يخرج ويدخل كما يحلو له يوميا! وأحيانا تبدأ نفسي بملامتها بأنها تنسى كل مساعدتي وطيبة قلبي لمجرد هذا، هنا أحاول مراضاتها لكن ليس من باب خطئي بل بسؤالها ما بك؟ ويبدأ الأمر بهدوء، وتقول فعلت كذا وكذا، وأنا أبدأ بالغضب وأشرح بصوت عال قليلا، وأدافع عن نفسي، وأتهمها بالمبالغة، وكالعادة تسألني: أنت مقصر أم لا؟ فأقول لا، ويستمر الجدال، ويتحول إلى شيء مزعج، مع أننا نحاول ذكر الله.
وأحيانا أبدأ بمراضاتها، لكن نعيد النقاش ونرجع للغضب، وقد تستمر الحالة ليومين، والمؤلم أن مشاكلنا لأسباب تافهة، وأيضا تصدر منها كلمات قاسية، أو أنها نادمة لأصل زواجها بي أو أنها تفضل الطلاق، والذي يزيد من سوء الحال أني أرى مبالغتها، فأنا أغضب أيضا فأجد نفسي لست مهتما، ولا أستطيع المبادرة؛ لأني أعتبر الأمر يتعلق بالكرامة، وأيضا أعتبر سلاحها بالغضب ومسارعتي لإرضائها هو ضعف مني، فلا أبادر، وهي تزداد غضبا ومرضا، فأسألها لم كل هذا؟ فتقول لأنك خذلتني ونعود للجدل.
المشكلة أنها ذكية، وترد الكلمة بالكلمة، وعندما أشرح لها بصوت عال نسبيا تعتبره إهانة لها لأنها حساسة جدا، فهل عدم مسارعتي لإرضائها وربطي الموضوع بالكرامة وبالضعف هو خطأ؟
سوف نقرأ ردكم سوية بإذن الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – أيها الأخ الفاضل – في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح الأحوال، وأن يؤلف بينك وبين زوجتك، وأن يهديكم لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
سعدنا جدا لأنكم ستقرؤون الاستشارة سويا، ونحب أن نؤكد بداية أن ما تفعله الزوجة صحيح وطبيعي، وأن ما يحصل منك صحيح وطبيعي، أبدأ بهذه البداية الغريبة حتى تركزوا معي، وأرجو أن نصحح المفاهيم حتى يفهم الرجل كيف تفكر المرأة، وحتى تفهم هي كيف يفكر الرجل.
أولا: أريد أن أقول ما يحصل من زوجتك من غضب على تأخرك دون إخبارها دليل على شدة حبها لك، وما يحصل منك من اعتذار واجتهاد في ترضيتها دليل على شدة حبك لها ومكانتها عندك. فإذا أنتم ولله الحمد أصلا الحب بينكما موجود، ولكن ينبغي أن ندرك الآتي:
أولا: أريد أن أقول للزوجة: إذا تأخر الزوج فينبغي أن تحسني استقباله، وتعطيه الطعام إذا كان جائعا، وتهيئي له النوم إذا كان متعبا، وتهيئي نفسك إذا كان بحاجة إليك، ثم إذا انتهى من هذا تسأليه عن سبب التأخير بهدوء.
وأريد أن أقول لك أيها الزوج: إذا تأخرت لأي ظرف فيحسن بك أن تعتذر، وأن تخبرها، وأن تتصل عليها، أن تبادر بالاعتذار، حتى لو منعك مانع (كنت أريد أن أتصل لكن الجوال لم يكن فيه شحن لم يكن فيه حرارة، لم يكن كذا...) هذه أمور في منتهى الأهمية، لأن ما تفعله الزوجة دليل على أنها تهتم بك ولكنها لا تحسن التعبير عن ذلك، وهذا طبيعي من النساء، لأن المرأة عاطفية، وأنت أيضا ما تفعله صحيح، لكن الرجل يفكر بطريقة العقل.
أرجو أن تتعوذي بالله من شيطان يريد أن يشعرك أن من كرامتك أن ترفع الصوت، ومن كرامتك أن تعاندها، الشيطان يريدها أن تتلفظ بألفاظ تؤثر على حياتكم الزوجية، فدعونا نغيظ الشيطان بمعرفة الذي في نفوسنا حقا من الحب، وبمعرفة عظمة هذا الرباط الذي هو رباط الزوجية، بضرورة أن يسعى كل منكم أن يكون الأفضل، فالعلاقة الزوجية عبادة لرب البرية، وخير الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه، وتقصير الزوج لا يبيح لك – أيتها الزوجة ابنتي – التقصير، وتقصير الزوجة لا يبيح لك – أيها الزوج يا ولدي – لا يبيح لك التقصير؛ لأن الذي يحاسب هو السميع البصير.
أنتم على خير، نسأل الله أن يعينكم على الاستمرار في هذه الحياة، مع ضرورة أن يفهم كل إنسان طبيعة الآخر، وأنا أحب دائما أن أقول: ينبغي للنساء أن يتذكرن أن الرجل عندما يأتي قد يكون عنده ظروف، عنده مشاكل في العمل، عنده مشاكل في الطريق، عنده أزمات، تأخر، أمور ينبغي أن تقدر من قبل الزوجة قبل أن تفتح سيلا من الأسئلة والتحقيقات.
وأيضا ينبغي من الرجل أن يشعر أن الزوجة؛ هذه التي تضايقت واهتمت وجاءها تفكير (ما الذي حصل له)، هي منزعجة، هي تحبه، ولذلك تفعل هذا.
فينبغي أن نصطحب المشاعر الأصلية الكامنة، التي أتمنى أن تظهر ونبوح بها، نقدمها عند الحديث وعند النقاش معا.
فالأمر سهل وميسور، ونسعد بتواصلكم، حتى تصلكم بعض المواد المفيدة في التعامل مع مثل هذه الأوضاع.
إذا أنت ينبغي أن تبادر وتعتذر، بل قبل ذلك تعطي إشارة ولو رسالة بالجوال (أنا سأتأخر بناء على كذا)، وهي أيضا ينبغي أن تحسن استقبالك وتهيأ لك ما تريد، فإذا أخذت راحتك وأخذت حاجتك؛ بعد ذلك تذكر لك الذي يضايقها من تأخرك أو نحو ذلك، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.