السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عمري ٢٨ سنة، ملتزمة أشتغل بنيل الإجازة، لكنني كثيرا ما أتوقف، كانت تنتابني وساوس في العقيدة وفي ذات الله، لا أستطيع مدافعتها، وفي بيتي أتعرض للضغط النفسي من والدتي لأمور تافهة فهي كثيرا ما تنفس عن غضبها من أحد عن طريق الصراخ علي، أغلي من الداخل ثم أندم وأشعر بتأنيب الضمير، أحاول دوما نيل رضا والدي لكن أشعر بالعجز دائما، وأنني مهما فعلت لن أصل.
تنتابني نوبات خوف خاصة ليلا، أخاف من الموت وأشعر بوجود ملك الموت، وأخاف أن يموت أحد والدي دون أكون قد بررت بهما، تتردد أحلام الظلام والسير في مكان مظلم وأحد يلاحقني، وأحيانا أشعر بالكره والاشمئزاز من والدي أو من أي زوجين، ويزداد هذا الأمر عندما يتابع والدي الأفلام أو غيرها، فأشعر بالكره اتجاهه، منذ طفولتي طبعت في ذاكرتي مشاهد بسبب أخوتي وما يشاهدونه على التلفاز دون ردع من والدي، وكنت أشعر بالذنب من ذلك، وأتمنى أن أجد مخرجا.
يحدث لدي احمرار بالوجه عند التحدث مع الآخرين حتى لو كان أحد أقاربي، وأحيانا تزول الأعراض، وأشعر بالنقص والدونية، وكثيرا ما امتدح في عملي لكنني مع ذلك لا أشعر سوى بالنقص، وأضطرب عندما يمتدح أمامي أشخاص بنفس الشي الذي أملكه، ولدي وساوس دوما أنني سأضطر إلى تجديد وضوئي حتى أحيانا أشتم رائحة دون فعل جسدي.
فكرت بالذهاب لطبيب نفسي فلامتني معلمة المسجد، وقالت لي: إن هذا بسبب البعد عن القرآن، وأن الأدوية منومة فقط، أفيدوني أحسن الله لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Siba حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وبادئ ذي بدئ أسأل الله تعالى أن يوصلك لمبتغاك، وأن تكملي مشوارك بنيل الإجازة، حفظك الله وبارك الله فيك.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت بخير، الذي تعانين منه هو نوع من قلق المخاوف ذو الطابع الوسواسي، وأنا أرى أن منظومتك القيمية منظومة رفيعة حقيقة، لذا تحدث لك هذه التصادمات مع العالم الخارجي، لا تحبين والدك أن يشاهد الأفلام، هذا شعور عظيم من جانبك حقيقة، وكما تفضلت بالنسبة لإخوتك وهم يشاهدون التلفاز ولم يتم توجيههم؛ هذا يجعلك تحسين بالذنب، نفسك اللوامة نفس طيبة ورقيقة حقيقة، لكنها متسلطة عليك، و-إن شاء الله تعالى- تقودك إلى النفس المطمئنة -بحول الله تعالى-.
لا تحملي على نفسك كثيرا، ومن الجميل أن نرشد آبائنا وأمهاتنا ونبرهم ونوجه إخواننا، هذا حقيقة أنا أشجعك عليه، لكن اجعلي منهجيتك هي المنهجية الطيبة الوسطية التي لا تسبب عليك ضغطا نفسيا أبدا، وأحيانا حقيقة نضطر أن نقبل الناس كما هم لا كما نريد، هذا ليس مبدئا تخاذليا أو مبدئا سلبيا أو مبدئا غير شرعي، لا، على الأقل ما دمنا نغير المنكر بقلوبنا؛ هذا -إن شاء الله- أيضا فيه خير.
أنا متأكد أن سقف طموحاتك عال جدا، سقف منظومتك القيمية من وجهة نظري عال جدا، وأسأل الله تعالى أن يثيبك على ذلك، أنت بخير.
أنا حقيقة أنصحك بتناول دواء مزيل للقلق، أختلف تماما مع معلمة المسجد -بارك الله فيها وجزاها الله خيرا- لكنها ربما تكون خافت عليك من الإدمان ومما يشاع عن بعض الأدوية، نعم بعض الأدوية فيها ضرر، لا ننكر ذلك، لكن نحن -إن شاء الله تعالى- في الشبكة الإسلامية حريصين جدا أن نصف أفضل الأدوية، والأدوية التي نعرفها حقا وحقيقة ليس اسمها فقط، لكن كل صغيرة وكبيرة علمية أكرمنا الله تعالى بأننا ملمين بها.
الدواء الذي سوف أصفه لك يسمى علميا (سيرترالين) وله عدة أسماء تجارية منها (زولفت) و(لوسترال) وربما تجدينه في بلادكم تحت مسميات أخرى، أولا: هو ليس إدماني، وليس تعودي، ويحسن من أداء النفس كثيرا، ويزيل المخاوف، ويحسن المزاج، وهو مضاد أيضا للوساوس، وقطعا لا يؤثر على الهرمونات النسائية أبدا، هذا أمر مهم. أحد آثاره الجانبية البسيطة التي ربما تحدث أو لا تحدث: قد يفتح الشهية نحو الطعام قليلا، فإن حدث لك شيء من هذا فأرجو أن تتخذي التحوطات اللازمة في تناول الطعام والحلويات، حتى لا يزيد وزنك بصورة ليست سليمة.
الجرعة التي تحتاجينها هي جرعة صغيرة أو جرعة وسطية، الجرعة الكلية هي أربع حبات في اليوم، لكن لا أراك محتاجة لذلك. تبدئي بالجرعة التمهيدية وهي نصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) لأن الحبة تحتوي على خمسين مليجراما، تناولي هذه الجرعة التمهيدية لمدة عشرة أيام، ثم اجعلي الجرعة حبة كاملة (خمسين مليجراما) يوميا لمدة أسبوعين، ثم اجعليها مائة مليجرام يوميا، تناوليها ليلا أو نهارا، ليس هنالك فرق أبدا.
استمري على هذه الجرعة العلاجية لمدة ثلاثة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك انتقلي إلى الجرعة الوقائية بأن تجعلي الجرعة حبة واحدة يوميا لمدة شهرين، ثم توقفي عن الدواء بأن تجعلي الجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقفي عن تناول السيرترالين.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.